الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة
الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة
Noocyada
وكان بعض الصحابة يتنابون على حضور مجالس النبيِّ ﷺ فأخرج الشيخان من حديث عمر ﷺ أنه قال:"كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله ﷺ ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك ..... "الحديث (١).وهذا يدل على حرصهم على حفظ حديث النبي ﷺ.
وأما عن كتابة الحديث وحفظه في الصدور والسطور، فقد كتب بعض الصحابة في حياة النبي ﷺ كما في صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد كان لبعض كبار الصحابة صحف دونوا فيها بعض الأحاديث، وما هذا إلاّ من حرصهم عليه، وهو جهد كبير في حماية الحديث من الضياع أو النسيان، إذ كتب أسيد بن حضير الأنصاري ﵁ بعض الأحاديث النبوية، وقضاء أبي بكر وعمر وعثمان، وأرسله إلى مروان بن الحكم (٢).
وكتب جابر بن سمرة ﵁ بعض أحاديث رسول الله ﷺ وبعث بها إلى عامر بن سعد بن أبي وقاص بناءً على طلبه ذلك منه (٣).
وكتب زيد بن أرقم ﷺ بعض الأحاديث النبوية وأرسل بها إلى أنس بن مالك ﵁ (٤).
وكتب زيد بن ثابت في أمر الجَدِّ إلى عمر بن الخطاب ﵁ وذلك بناء على طلب عمر نفسه (٥).
وجمع سمرة بن جندب ما عنده من حديث رسول الله ﷺ وبعث به إلى ابنه سليمان، وقد أثنى الإمام محمد بن سيرين على هذه الرسالة فقال: "في رسالة سمرة إلى ابنه علمٌ كثير" (٦).
ومن ذلك أيضًا حثهم على كتابة الحديث وتقييده، فروى عن عمر بن الخطاب وعن عبد الله بن عباس ﵁، أنهما كانا يقولان: "قيدوا العلم بالكتاب" (٧).
وجاء عن علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال: "من يشتري مني علمًا بدرهم" (٨).
(١) أخرجه البخاري، الجامع الصحيح (٨٩)،ومسلم، المسند الصحيح ٢/ ١١١١ (١٤٧٩)، وغيرهما. (٢) ينظر: أحمد، المسند ٤/ ٢٢٦. (٣) أخرجه أحمد، المسند ٥/ ٨٩، ومسلم، المسند الصحيح ٣/ ١٤٥٣ (١٨٢٢). (٤) ينظر: أحمد، المسند ٤/ ٣٧٠ - ٣٧٤، وابن حجر، تهذيب التهذيب ٣/ ٣٩٤. (٥) الدارقطني، السنن ٤/ ٩٣ - ٩٤. (٦) ابن حجر، تهذيب التهذيب ٤/ ٢٣٦ - ٢٣٧، وينظر: أبو داود، السنن (٤٥٦). (٧) ابن نقطة، تقييد العلم ص: ٩٢،وابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله١/ ٧٢. (٨) أبو خيثمة، العلم ١/ ٣٨.
1 / 10