العليل، ولكن لا نكاد نجد منه في المجلة شيئًا يُذكَر. وأنتم ترون هذه الآفات تفتك بأخلاق أبنائنا وتجعل من بعضهم -وهم رجال الزمن الآتي وعماد صرحه- عنصرًا ثالثًا، فيه لين وضعف ويختلف عن عنصرَي البشر المعروفَين! وترون هذه العادات السيئة تهدم علينا المدرسة الأولى، مدرسة الأم، وتجعلها عاملًا على الفساد وغرس بذور الشر في نفوس النشء! وترون هذا التدهور العلمي المريع في إخواننا المعلمين، حيث ينصرف أكثرهم عن المطالعة والدرس ويودّعهما وداعًا لا لقاء بعده من يوم يودّع المدرسة، فلا تمر عليه سنة بعد ذلك إلا ازداد فيها جهلًا ... هذا كله نراه عيانًا ونحس خطره، ثم لا نحرك قلمًا في نقده وبيان علاجه؟
وأما النوع الأول فهو ركن التربية، بل ركن الحياة؛ وهو التربية الوطنية والدينية. وإن من آكد الواجبات على المشرفين على الحركة التعليمية في هذا البلد، من رجال العلم ورجال الأمر، أن يعتنوا بها ويرفعوا من شأنها، ويجعلوها المبدأ الذي عنه يَصدرون والغاية التي إليها يسعون.
التربية الدينية والوطنية هي التي تحفظ لنا كياننا قائمًا، وتجعل منا أمة حية متماسكة البنيان ثابتة الدعائم. وأعني بها تلك التي تحل فيها الحقائق الوطنية والدينية المحل الأول، وتكون الغاية منها إخراج رجال صِلاب يصلب بهم صرح الوطن، لا رجال مائعين يذوبون في فكرة الإنسانية.
ولست أنكر أن فكرة الإنسانية من أجمل السخافات وأحلاها، ولكنها لا تخرج عن أنها سخافة. «الإنسان أخو الإنسان»؟ كلام