39

الاتجاهات العقلانية المعاصرة أصولها ومناهجها

الاتجاهات العقلانية المعاصرة أصولها ومناهجها

Noocyada

منهجية دعوى الفهم الخاص للقرآن عند العقلانيين المقدم: بعض العقلانيين عندنا قد يقول: أنا أؤمن بالله ﷿، وأؤمن بالنبي ﵊، وأؤمن بأن القرآن هو كلام الله، لكن هذا القرآن فهمه أبو بكر ﵁ بفهمه الخاص، وفهمه الحسن البصري كذلك، وأفهمه أنا بفهم خاص! الشيخ: هذه من معضلاتهم، وهذا دليل جهلهم؛ فنصوص القرآن وما صح من السنة منها ثوابت ليست قابلة للجدل في نصها ومفهومها، وليست محلًا للنقاش. ومنها نصوص هي عبارة عن قواعد للشرع، فتطبيق جزئيات الحياة على ضوئها يحتاج إلى اجتهاد المجتهدين الذين يملكون القدرة على الاجتهاد، لماذا؟ لأن النصوص يفسر بعضها بعضًا، ويبين بعضها بعضًا، ويخصص بعضها بعضًا، وبعضها ناسخ وبعضها منسوخ، فمن الذي يستطيع أن يميز بعضها عن بعض؟ إنه العالم الذي يدرك هذا كله. ثم إنهم ليس لهم قاعدة في الاجتهاد، بمعنى أن فقهاء الإسلام كلهم عندهم قواعد في الاجتهاد منضبطة بضوابط الشرع، وأما هؤلاء فليس عندهم قاعدة. ثم إننا لو تركنا كلًا يفسر القرآن برأيه؛ فمعنى هذا أننا أسقطنا المرجعية الأساسية، مرجعية الرسول ﷺ الذي فسر القرآن بقوله وفعله وتقريراته، وكذلك الصحابة الذين أمر النبي ﷺ بأن يكونوا قدوة، وكذلك سبيل المؤمنين، فهذا عبارة عن حيدة عن الدين بحيلة، وخروج عن مقتضى الدين بحيلة أني أفهم كما يفهمون، وأننا رجال كما أنهم رجال، ولكن هل الرجال كالرجال؟! المقدم: وهذا فيه إسقاط لثوابت الإسلام ونصوص الشريعة. الشيخ: لا شك في أن أكبر وسيلة مريحة لهم تقرب لهم سبيل الهدم هي أنهم يقولون: هذه النصوص ننظر إليها كما ينظر إليها الآخرون. فنقول: نعم، تنظرون إليها بشروط، فأنا -مثلًا- لست متخصصًا في الأدب؛ لأجرؤ على أن أتناول النقد الأدبي كما يتناوله أصحابه، ولو تجرأت عليه لعابوني كلهم، فكيف بالشرع؟! وكيف بالدين الذي له قواعد وأسس شرعية ثابتة، رسمها القرآن ورسمها النبي ﷺ ورسمها سلف الأمة؟! فلماذا يتجاوزون التخصص في القول على الله بغير علم وهم من أكثر الناس حرصًا على أن لا ينقدوا في جوانب التخصصات الأخرى؟! إن الأديب لا يقتحم الطب، ولو اقتحمه عابه أصحابه قبل الآخرين، فلماذا يقال في الشرع الذي هو دين الله وله أسس ثابتة في الاستدلال بغير علم؟ كيف نأخذ بالنصوص؟ وكيف نستدل بها؟ وكيف نعرف النص الذي يستدل به والنص الذي لا يستدل به؟ إنها أمور يعرفها كل عاقل بفطرته. فهم تجاوزوا الحق بدعوى أننا نجتهد كما يجتهد الآخرون.

2 / 16