31

العلاج والرقى

العلاج والرقى

Noocyada

الفصل الثالث أصول الشفاء الثلاثة (٤٨): أولًا: الحِجامة (٤٩): وهي تفرُّقٌ اتصالي إرادي، يتبعه استفراغ كُلِّي من العروق، وأصل معناها: المداواة بالحَجْم، أي: بالشَّرْط؛ وطريقة ذلك أن يعمد الحجّام إلى إخراج الدم المتبيِّغ (أخلاط الدم الزائد الفاسد) من العروق، وذلك بإفراغ كأس من الهواء، ثم وضعه على الجلد ليُحدث فيه تهيُّجًا فينجذب الدم إلى الجلد بقوة، ومن ثَمَّ باستخدام مِشْرطٍ، يستخرج به الحجَّام ذلك الدم. قال ﵊: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ

(٤٨) تنبيه مهم: من الضرورة للغاية مراعاةُ كلِّ متطبِّبٍ بهذه الأدوية حالتَه الخاصة، وذلك بإجراء كلِّ بدنٍ على عادته في استعمال الأغذية والأدوية، وكذلك مراعاة أوقات المعالجة بها، مع مراعاة البلد الذي يتم فيه العلاج، [فإن للأمكنة اختصاصًا بنفع كثير من الأدوية في ذلك المكان دون غيره، فرُبَّ أدوية لقوم هي أغذية لآخرين، وأدوية لقوم من أمراض هي بعينها أدوية لآخرين في أمراض سواها، ورُبّ أدوية لأهل بلد لا تناسب غيرهم، ولا تنفعهم] . "الطب النبوي" لابن القيم ص٩٨. وحاصل ذلك أن هذه الأدوية لا يَعمد كلُّ أحدٍ إلى التطبب بها من عند نفسه، إلا إذا علم كيفية ذلك، ووقته المناسب، ومقداره المطلوب، وموضعه الأمثل، فلو عمد إلى الاحتجام مثلًا في بلد شديد البرودة في أول الشهر القمري أو في آخره، أو استعمل الحِجامة على شِبَع بطنٍ، ولم يكن ثمة حاجة إليها - أي: لم يكن الداء سببه غلبة أخلاط الدم - لم تكن الحجامة عندها نافعة النفعَ المطلوب، فلا يُحتجُّ بعدها بأن السُّنَّة - حاشَ لها - قد أرشدت إلى ما لا نفع فيه!! فقد أرشد النبيُّ ﷺ أهل الحجاز، وهي بلاد حارة، ودماء أهلها رقيقة تميل إلى ظاهر أبدانهم إلى فضل الحجامة، فقال ﵊: «إِنْ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ» أخرجه البخاري برقم (٥٦٩٦)، ومسلم برقم (١٥٧٧) . وفيه إشارة إلى أن أهل الحجاز ومَن شَاكَلهم في الخِلْقة ومناخ البلد يكون الحَجْم في حقهم أكثر نفعًا، وأقرب إلى الشفاء. كما حدّدت السُّنَّة وقتها المناسب، ففي الحديث: «مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» . أخرجه أبو داود بسند حسن، وذلك لكون الدم في هذه الأيام منجذبًا إلى الجلد، فتكون الحجامة عندها من أنفع الدواء. انظر: "الطب النبوي" لابن القيم ص٥٢، وما بعدها. (٤٩) انظر - في معناها - "الطب النبوي" لابن القيم ص٥٥، وانظر: "النهاية" لابن الأثير (١/٣٤٧) . مادة (حجم) .

1 / 35