أتحقق من ثبوت المخالفة عمن قالها، ثم بعد الثبوت يُنظر في وجه قوله، ولا يكتفى بنقل قيل فيه: أنه خالف فلان، فكم من قول قيل بمخالفته للإجماع ثم يتبين بعد الوقوف عليه من مصدره الأعلى أنه لا يعارضه من كل وجه، وإهدار الإجماع ليس بأهون من إهدار القول الذي لم يثبت، وحمل القول المحكي على الإجماع إن كان له محمل صحيح أولى من حمله على مخالفة الإجماع.
وقد قال أبو العباس ابن تيمية: (والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه، ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله) (^١)، وهذه العبارة تتأكد عندما يعود هذا المنقول على أصل من الأصول الشرعية بالبطلان (^٢)، فلا نترك الدليل الشرعي القائم لخلاف منقول لم نتحققه، ولايُعارَضُ المعلومُ بالموهوم، فليس كل ماينقل عن العلماء صحيحًا، وليس كل ماصح عنهم يكون صريحًا في المسألة المراد بحثها، وقد يُنسب إلى العالم بلازم قوله أو فعله أو سكوته مالا يلتزمه، فيقع الخطأ عليه والتتابع على ذلك الخطأ، فالوقوف على نص الأئمة أولى (^٣).