يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم (50) وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون (51) وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل
( يذبحون أبناءكم ) أي يكثر ويعم ذبحهم لهم ( ويستحيون نساءكم ) أي البنات اللاتي يولدن لكم ولا يذبحونهن كالأبناء. فكأنهم يتركهن طلبوا حياتهن وسميت نساء باعتبار بقائهن نوعا إلى زمان الكبر ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) نسب البلاء إلى الله باعتبار قدره وقدرته على رفعه وإملائه لآل فرعون 50 ( و ) اذكروا ( إذ فرقنا بكم البحر ) فصلنا البحر بعضه من بعض. ومن قوله تعالى في سورة الشعراء ( فكان كل فرق كالطود العظيم ) يعرف ان إفراقه كانت متعدة وطرق بني إسرائيل فيما بينها متعددة. فرقنا بكم أي أنتم الفاصل والفارق ما بين اجزائه في عبوركم فيه على اليابسة وهذا أوضح في المعجز وأوضح في خرق العادة ( فأنجيناكم ) من مضايقة فرعون وجنوده ومن البحر ( وأغرقنا آل فرعون ) حين اتبعوكم في البحر ( وأنتم ) خارج البحر ( تنظرون ) إلى غرقهم. والبحر هو خليج السويس من البحر الأحمر وعرضه بحسب اختلاف مواقعه من نحو عشرة أميال إلى نحو عشرين ميلا واقتصر هنا في ذكر الغرق على آل فرعون باعتبار الامتنان بالنجاة من جيشهم بغرقه. وفي ذكر فرعون وعتوه والانتقام منه قال الله في سورة الاسراء 105 ( فأغرقناه ومن معه جميعا ) 51 ( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ) باعتبار مجموع الوعدين الوعد الأول وهو ثلاثون ليلة والثاني وهو إتمامها بعشر كما في سورة الأعراف 138 ( ثم اتخذتم العجل ) إلها كما في سورة طه المكية 90 ( فقالوا هذا إلهكم وإله موسى ) ولم نجد صراحة يعول عليها في ان الذين عبدوا العجل هم كل بني إسرائيل الموجودين حينئذ ما عدا هارون أو بعضهم. لأن سوق الخطاب هنا وفي سورة النساء إنما هو باعتبار البعض من بني إسرائيل فيجوز ان يكون باعتبار البعض من جيش موسى نعم في سورتي الأعراف وطه نسب اتخاذ العجل وإضلال السامري إلى قوم موسى ولكن يجوز ان يكون ذلك باعتبار البعض الكثير. نعم ربما يستظهر انهم البعض من قول هارون كما في سورة طه ( إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ) ولكن تزاحم الاحتمالات في مراده من التفريق يزاحم ذلك الاستظهار. وغرض القرآن الكريم من قصصه
Bogga 92