177

وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب (196) ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات

من خير يعلمه الله ) ويوفكم جزاءكم وهو العليم الذي لا يضيع أجر المحسنين ( وتزودوا ) من تقوى الله والأعمال الصالحة. والزاد ما يعد من الطعام لحاجة السفر كني به هنا عن الاستعداد للآخرة ( فإن خير الزاد ) مما يعتني الإنسان بتزوده وبعده لضرورته ويراه واجبا لازما لحاجته إنما هو ( التقوى ) لله والعمل بأوامره ونواهيه. ولعمري ان التفريع بالفاء ليوضح الرد لما ذكر في تفسير الآية من ان قوما كانوا يرمون أزوادهم ويتسمون بالمتوكلين فقيل لهم تزودوا من الطعام ولا تلقوا كلكم على الناس. ولئن ذكرت بذلك رواية عن ابن عباس وغيره كما أحصاه في الدر المنثور فإن عرضها على كتاب الله في تفريع الآية بالفاء يعرفك وهاهنا ( واتقون ) عطف تفسير على تزودوا فائدته البيان والتأكيد ( يا أولي الألباب ) الذين يعرفون بعقولهم حاجتهم إلى التزود بالأعمال الصالحة ووجوب تقوى الله وما للتقوى من فضل الغاية العظمى 196 ( ليس عليكم جناح ) في ( أن تبتغوا فضلا من ربكم ) في تفسير البرهان عن تفسير العياشي عن الصادق (ع ) في تفسير الآية قوله (ع) يعني الرزق فإذا أحل الرجل من إحرامه وقضى نسكه فليشتر وليبع انتهى. ويكون وجه المناسبة في السياق في هذه الجملة هو الاستدراك ورفع ما يتوهم بسبب تحريم الرفث والجدال والأمر بالتقوى والحث عليها فلا بأس في ان يكتسب ما هو زائد نوعا عما أعد من المال لسفر الحج. وروى في ذلك ونحوه في الدر المنثور عدة أحاديث. وفي التبيان روى عن أبي جعفر (ع) قال لا جناح عليكم ان تبتغوا فضلا من ربكم معناه ان تطلبوا المغفرة. وفي مجمع البيان رواه جابر عن أبي جعفر (ع). ولعل ذكر المغفرة باعتبار انها المصداق الأهم لنوع الإنسان مما يبتغي حينئذ من الله. ووجه المناسبة في السياق هو انه بعد الترغيب في التقوى وملازمة الحدود في الواجبات والمحرمات اقتضى اللطف ان يرغب في الازدياد من الخير ومنه طلب المغفرة بأسبابها فجرى الترغيب بنحو الاحتجاج بثبوت المقتضي وعدم المانع فإن المقتضي لابتغاء الفضل من الله بديهي عند العقل والعقلاء وليس في ذلك مانع ولا على المبتغي جناح. واي جناح عليه في ذلك فابتغوه واغتنموا فيه الفرص ( فإذا

Bogga 178