ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (129) إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (130) ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (131) أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون (132) تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون
عنه إلا السفيه ( ولقد اصطفيناه ) أي ابراهيم واخترناه رسولا وإماما وهاديا ( في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) أي معدود من الذين كانوا في الدنيا صالحين هادين 129 ( إذ قال ) ظرف لاصطفيناه ( له ربه أسلم ) وهذا القول لمثل ابراهيم يكون قبل زمان البلوغ وقد ذكرنا معنى الإسلام قريبا ( قال أسلمت ) وأشار الى معرفته وان إسلامه عن حجة وبصيرة بقوله ( لرب العالمين 130 ووصى بها إبراهيم بنيه ) أي وصاهم بالملة الحنيفية ملة ابراهيم ( ويعقوب ) أي ووصى بها يعقوب بنيه وقال كل منهما لبنيه في مقام التوصية والتحريض على اتباع الملة حتى الممات وان لا تلعب بهم الأهواء فيغتنم إبليس منهم الفرصة عند الموت فيردهم عن الحنيفية والإسلام ( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين ) المعهود دين الحنيفية والإسلام واختاره لكم صافيا مصفى فالزموه واثبتوا على اتباعه حق الاتباع ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) على الدين الحنيف 131 ( أم كنتم ) اضراب وانكار وهو يناسب أن يكون خطابا لأهل الكتاب وإنكارا على دعوى ليس لهم بها علم ولا حضروا ولا شهدوا ما يسندون الدعوى اليه ( شهداء ) حضورا ( إذ حضر يعقوب الموت ) وذلك لم يجر فيه ما تزعمون بل ( إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ) قال ما تعبدون لأن معبودات اهل الضلال أكثرها مما لا يعقل كالحيوان والتماثيل ( قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) وأدرج إسماعيل في تفسير الآباء بنحو من التغليب عليه ولأنه عم ليعقوب والعم كالأب ( إلها واحدا ) لا شريك له ( ونحن له مسلمون 132 تلك أمة قد خلت ) ومضت والظاهر ان المراد من الأمة بنو إسرائيل ( لها ما كسبت ) من خير ( ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون ) بل كل مسئول عن تكليفه وما قامت
Bogga 129