57

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Tifaftire

علي معوض وعادل عبد الموجود

Daabacaha

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وسنقُلُ نصَّ الإمامِ الغَزَّالِيِّ في حديثه عن أقْسَامَ عُلُومِ الفَلْسَفَة:

أولاً: رياضية:

ويقول عنها: ((أمَّا الرياضيَّة، فتتعلَّق بعلْمِ الحسابِ، والهنْدَسَة، وعلْم هَيْئَة العَالَمِ، وليس يتعلَّق شيء منْها بالأمُورِ الدينيّة نفياً وإثباتاً، بل هي أمورٌ برهانِيَّةٌ لا سبيل إلَى مجاحدتَهَا، بَلْ فهمِهَا ومعرفَتِهَا)).

ثانياً: منطقيّة:

ويقول عنها: ((لا يتعلَّق شيْءٌ منها بالدِّين نفياً وإثباتاً، بل هو النَّظَرُ فِي طُرُق الأداءِ، والمَقَايِيس، وشُرُوط مقدِّمات البُرْهَان، وكيفيَّة تركيبها وشروطِ الحَدِّ الصحيح، وكيفيَّة ترتيِهِ، وأنَّ العلْمَ إما تصوُّرٌ؛ وسبيلُ معرفتِهِ الحَدُّ، وإمَّا تصديقٌ؛ وسبيلُ معرفتِهِ البُرْهَانُ،َ وليس في هذا ما ينبغي أنْ يُنْكَرَ، بل هو جنسُ ما ذكره المتكلِّمون، وأهل النَّظَر في الأدلَّة، وإنما يفارقونَهُمْ بالعبارَاتِ والاصطلاحاتِ، وبزيادَةِ الاستقصاءِ في التفريقَات والتَّشْبيهات)).

ثالثا : طبيعية :

ويقول عنها: ((وَكَمَا لَيْسَ من شروطِ الدِّينِ إنكارُ علْمِ الطُّبِّ، فليس من شرطِهِ أيضاً إنكارُ ذلك العلْمِ إلا في مسائلَ معيَّنةٍ، ذكرنَاها في ((تَهَافُتِ الفَلَاسِفَة))، وسنذكرها بَعْدُ إتمام حديثنا عَنْ تَقْسِيمِهِ العلومِ الفَلْسَفَة - إنْ شَاءَ الله تعالَى -.

رابعاً: سياسيّة :

ويقولُ عنها: ((أمَّا السياسيَّاتُ، فجميع كلامهمْ فيها يَرْجِعُ إلى الْحِكَمِ المصلحيَّةِ المتعلّقة بالأمور الدنيويَّة والإِيَالة السلطانيَّة، والحِكَمِ المَأَثُورة عن سَلَف الأنبيَاءِ)).

خامساً: خلقيّة :

ويقولُ عنها: ((أمَّا الخلقيَّة، فجميعُ كلامِهِمْ فيها يرجعُ إِلَى حَصْر صفات النّفْسِ، وأخلاقِهَا، وذِكْرِ أخبائِها، وأنواعِهَا وكيفيَّة معالَجَتِهَا، ومجاهدَتِهَا، وإنمَّا أخذُوها من كلامِ الصوفيَّة)).

سادساً: إلهية :

ويقول عنها: ((وأما الإلهيَّاتُ، ففيها أكثرُ أغاليطِهِمْ، فما قَدَرُوا على الوفَاءِ بالبراهِينِ؛ على ما شرطُوهُ في المَنْطِقِ، ولذلك كَثُرَ الاختلافُ بينهم فيها.

والناظرُ المتأمِّل يَشْعُرُ بأنَّ السبب في إصابَتِهِمْ وتوفيقِهِمْ في العلوم الرياضيَّة والطبيعيَّة، وأغاليطِهِمْ وتناقضاتِهِمْ وتخيلاتِهِمْ في الإلهيَّات؛ هو أن العلومَ الرياضيَّة والطبيعيَّة مثلاً لها مبادىءُ، ومقدماتٌ، ومحسُوسَاتٌ عرفها الفلاسفَةُ، ومعلوماتٌ أوليَّةٌ توصَّلوا بترتيبِهَا إلَى أمورٍ مجهولةٍ، أما الإِلَهِيَّاتُ، فبالعَكْسِ ليس فيها مبادىءُ، ومقدِّماتٌ، ومحسُوسَاتٌ، ومعلوماتٌ أوليَّةٌ، فَيَتَوَصَّلونَ بها

57