31

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Baare

علي معوض وعادل عبد الموجود

Daabacaha

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

فأظهر الأمرَ بالْمعرُوفِ، وكان جُلُّ ما يدعو إليه عِلْمَ الاعتقاد على طريقة الأشْعَرِيّة.

وكان أهلُ ((المغرب)) يُنَافِرُونَ هذه العلوم، ويُعَادُونَ من ظهَرت عليه، فجمع والي ((فاس)) الفُقَهَاءَ له، فَنَاظَرَهُمْ، فظهر عليهم، لأنه وَجَدَ جَوّاً خَالياً، ونَاساً لا عِلْمٍ لهم بالكلام، فَأَشَارُوا على المُتَوَلِّي بإخراجه، فَسَارَ إلى ((مَرَّاكُش))، وكتبوا بخبره إلى ابن تَاشفين، فجمع له الفقهاء، فلم يكن فيهم مَن يعرف المُنَاظَرَة إلا مالك بن وُهَيْبٍ، وكان متفنِّنا، قد نظر في الفَلْسَفَةِ، فلما سمع كَلَامَهُ، استشْعَر حِدَّتَهُ وذَكَاءَهُ، فأشار على أمير المسلمين ابن تاشفين بقتْلِهِ، وقال: هذا لا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ، وإن وقع في بلاد المَصَامِدَةِ قِوِىَ شَرُهُ.

فتوقّف عن قَتْلِهِ ديناً، فأشار عليه بحَبْسِهِ.

فقال: عَلام أَسْجُنُ مؤمناً لم يَتَعَيَّنْ لنا عليه حَقٌّ، ولكن يَخْرُجُ عنا. فخرج هو أوصحابه إلى ((السوس))، ونزل بـ ((تِينُمَلَّلَ)) ومن هذا الموضع قام أمرُه، وبه قَبْرُهُ.

فلما نزله اجتمع إليه وُجُوه المَصَامِدَةِ، فشرع في بَثِّ العِلْمِ، والدعاء إلى الخَيْرِ، وكتم أَمْرَهُ، وَصَنَّفَ له عَقِيدَةً بلسانهم، وعَظُمَ في أعينهم، وأحبَّتْهُ قلوبُهم.

فلما اسْتَوْثَقَ منهم دَعَا إلى الأمر بالمَعْرُوفِ، والنهي عن المنكر، ونهاهم عن سَفْكِ الدماء،

فأقامُوا على ذلك مُدَّةً، وأمر رِجَالاً منهم ممَّن اسْتَصْلَحَ عقولَهم بنَصْبِ الدعوة واسْتمالةِ رُؤُسَاءِ القبائل.

وأخذ يذكر المَهْدِيَّ، وُيشَوِّقُ إليه، وَجَمعَ الأحَادِيثَ التي جاءت في فَضْلِهِ.

فلما قرر عندهم عَظَمَةَ الْمَهْدِيِّ، ونَسَبَهُ، ونَعْتَهُ، ادعَى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عَبْدِ الله، وَسَرَد له نَسَباً إلى عَليٍّ عليه السلام، وصَرَّحَ بدعوى العِضْمَةِ لنفسه، وأنه المهْدِيّ المَعْصُومُ، وبَسَطَ يَدَهُ للمُبايعة، فبايعوه.

فقال: أبايعكمْ على ما بَايَعَ عليه أَصْحَابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

ثم صَنَّفَ لهم تَصَانِيفَ في العِلْمِ، منها كتاب سماه ((أعز ما يُطْلَبُ))، وعقائدَ على مَذْهَبٍ الأشْعَرِيِّ في أكثر المسائل إلاَّ في إثباتَ الصِّفَاتِ، فإنه وَافَقَ المعتزلة في نَفْيها، وفي مسائل قليلة غيرها.

وكان يُبْطِنُ شيئاً من التَّشَيع.

ورَتب أصحابَه طَبَقَاتٍ، فجعل منهم العشرة(١).

٦ - عَلِيُّ بْنُ سَعَادَةَ أَبُو الحَسَنِ الجَهَنِيُّ المَوْصِلِيُّ السََّّراجُ أَحَدُ عُلَمَاءِ ((المَوْصِلِ)).

قال ابن السَّمْعَانِيِّ: إمامٌ وَرِعُ عامِلٌ بعلمه، تَفَقَّهَ على أبي حَفْصِ الباغوساني إمام الجزيرة،

(١) ينظر: طبقات الشَّافعية الكبرى ١٠٩/٦ - ١١٧.

31