Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
Baare
علي معوض وعادل عبد الموجود
Daabacaha
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
فكلَّموه، وقالوا:ما الذي يُذْكَرُ عنك من القَوْلِ في حَقِّ هذا المَلِكِ، العَادِلِ، الحليم، المنقاد إلى الحق؟
فقال: أمَّا ما نُقِلَ عني فَقَدْ قُلْتُهُ، ولى من وَرَائِهِ أَقْوَالٌ.
وكان من قول القاضِي في مُسَاءَلَةِ ابن تُومرت أن المَلِكَ يُؤثرُ طَاعَةَ الله على هَوَاهُ، وينقاد إلى الحَقِّ.
فقال ابن تُومَرْت: فأما قَوْلُكَ: إنه يُؤْثِرُ طَاعَةَ الله على هَوَاهُ، وينْقاد إلى الحَقِّ، فقد حضر اعتبارُ صحّة هذا القَوْلِ عليه ليعلم بتَعَرَّيِهِ عن هذه الصَّفَةِ أنه مَغْرُورٌ بما تقولون له، وتُطْرُونَهُ به، مع علمكم أن الحُجَّةَ عليه مُتوجِّهةٌ، فهل بلغك يا قَاضي أن الخَمْرَ تُبَاعُ جَهَاراً، وتمْشي الخَنَازِيرُ بين المُسْلِمِينَ، وتُؤْخَذُ أَمْوَالُ، اليَتَامَىْ، وعدد كَثيراً من ذلك، حتى ذرَفَتْ عينا المَلِكِ، وأطرق حَيَاءً.
فقال مالك بن وُهَيْبٍ: إن عندي نَصِيحَةً إن قَبِلَهَا المَلِكُ حَمِدَ عاقبتَها، وإن تركَها لم آمَنْ عليه.
فقال: وما هي؟
قال: إني خَائِفٌ عليك من هذا الرَّجُلِ، وأرى أن تَسْجنه، وتسجن أصحابه، وتنفِق عليهم كلَّ يوم دِينَاراً، وإلا أنْفقت عليه خَزَائِنَكَ.
فوافقه المَلِكُ.
فقال الوزير: أيها المَلِكُ يَقْبُعُ أن تَبْكي من مَوْعِظَةِ هذا، ثم تُسِيء إليه في مَجْلسٍ واحدٍ، وأن يظهر منك الخَوْفُ مع عِظَمٍ مُلْكِكَ، وهو رجل فَقِيرٌ لا يملك سَدَّ جُوعِهِ.
فانقادَ المَلِكُ لِكَلاَمِ الوَزِيرِ، وصَرَفَهُ، وسأله الدعاء.
فقيل: إن ابن تُومَرت لمَّا خَرَجَ من عنده، لم يَزَلْ وجهُه تِلْقَاءَ وَجْهِهِ إلى أن فارقه.
فقيل له: نَرَاكَ تأدَّبْتَ مع المَلِكِ!
فقال أردتُ ألاَّ يُفَارِقَ وْجهِي البَاطِلَ حتى أُغيِّرِهِ مَا اسْتَطَعْتُ.
ولما خرج قال لأصحابه: لا مُقَامَ لنا بـ ((مَرَّاكُش)) مع وُجُودِ مالك بن وُهَيْبٍ، وإن لنا بـ اَغْمَاتَ)) أخاً في الله فنقصِدُه، فلن نَعْدِمَ منه رأياً وُدعَاءً، وهو الفقيه عبد الحق ابن إبراهيم المَصْمُودِيّ.
فسافر في جماعته إليه، فأنزلهم، فَبَثَّ إليه سِرَّهُ، وما اَّفَقَ له.
فقال: هذا الموضع لا يَحْمِيكُم، وإنَّ أَخْصَنَ الأماكن المُجَاوِرَة لهذا البلدِ ((تِينُمَلَّل)، وهو مسيرة في هذا الجَبَلِ، فَانْقَطِعُوا فيه مدة، رَيْثُما يُنْسَى ذكرُكم.
29