Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
Baare
علي معوض وعادل عبد الموجود
Daabacaha
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
ومنها إلى ((بَغْدَاد))، ثم ((دِمشق))، و((بَيْتِ المَقْدِس))، و((مَكَّة))، ثم عرَّج على ((مصر)) وعاد في آخر تطوَافه إلَى وطنه الأصليِّ ((طوس))؛ طوداً شامخاً من العلم، وبحراً زاخراً من المعرفة، يرمي النَّاسَ بأمواجِهِ المتلاطمة.
طَلَبُهُ العِلْمَ في ((طُوس)):
لقد كان بديهيًّا أن تكون ((طُوس)) أوَّلَ بَلَدٍ يتلقَّى الغَزَّاليُّ العِلْمَ على يدِ علمائها؛ وذلك لأنها موطنه الأصليُّ الذي ولد فيه.
وكان أوَّل ما تلقَّى العلْمَ علَى يد شيخه أحْمَدَ بْنِ محَمد الرَّاذَكَانِيِّ؛ حيث قرأ عليه طَرَفاً من الفقْهِ.
طَلَبُهُ الْعِلْمَ فِي ((جُرْجَانَ)):
ولما كبر الغَزَّالِيُّ وترعْرَعَ، انفتحت شهيّته لمزيد من العلوم والمعرفة، وتطلَّعت نفْسُهُ إِلَى آفاقٍ رَحْبَةٍ، رحل إلى ((جُرْجَان)) إلى الإمام أبي نَصْرٍ الإسماعيليِّ؛ حيث سمع منه، ودوَّن كلَّ ما تلقَّاه منه في ((مذكِّراته)) التي سمّيت بـ ((التَّعْلِيقَة))، دون أن يُودِعَهُ الذاكرة، أو يحفَظَه.
وفي أثناء رجوعه إلى ((طُوس))، خرج عَلَيْه جماعةٌ من قُطَّاع الطرق، فأخذوا ما كان معه، ومنْهم تعلَّم الغَزَّاليُّ درساً في الحياة، أثمر وأَجْدَى فيما بعدُ.
حكى السُّبْكيُّ في ((طبقاته))، أنَّ الإمام أسْعَدَ الْمِيهَنِيَّ قال: سمعت الغَزَّالِيَّ يقولُ: قطعت علينا الطريق، وأخذ العَيَّادُون جميعَ ما معي، ومَضَوْا، فتبعْتُهُم، فالتفتُ إلى مُقَدَّمِهِم، وقال: ارْجِعْ، ويحَكَ، وإلا هلكْتَ.
فقلْتُ له: أسألك بالذي ترجُو السلامَةَ منه؛ أن تَرُدَّ عليَّ تعليقَتي فقطْ، فما هي بشيْءٍ تنتفعونَ به.
فقال لي: وما هي تعليقتك؟.
فقلت: كُتُبٌ في تلك المِخْلاَة، هاجَرْتُ لسماعها، وكتابتها، ومعرفةِ عِلْمها.
فضَحِكَ، وقال: كيف تدَّعِي أَنَّك عرفْتَ علمها، وقد أخذْنَاهَا مِنْكَ، فتجرَّدْتَ من معرفتها، وبقيتَ بلا علْمٍ. ثم أمر بعضَ أَصحابِهِ، فسلَّم إليه المِخْلَة.
قال الغزاليُّ: فقلْتُ: هذا مُسْتَنْطَقٌ، أنطقَهُ اللَّه؛ ليرشدني به في أمْرِي، فلمّا وافيْتُ ((طوس))، أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين، حتى حفظتُ جميعَ ما علَّقْتُهُ، وصِرْتُ بحيث لو قطع عليَّ الطريقُ، لم أتجرَّد من علمي.
طَلَبُهُ الْعِلْمَ فِي نَيْسَابُورَ:
بعد ذلك قَدِمَ الغزّاليُّ إلى مدينة ((نَيْسَابُورَ)) مع بعض الرُفْقَةِ، قاصداً إمامَ الحرمَيْنِ أبا المَعَالي
13