11

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Baare

علي معوض وعادل عبد الموجود

Daabacaha

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

ولقد استجابَ الله - عزَّ وجلَّ - دعوتَيْ أبِيهِ، فرزقَهُ ابنين، أحدُهُما واعظٌ، والآخر فقيهٌ.

أما الفقيه، فهو أبو حامدٍ الإمامُ الحُجّة، فارسُ المَيْدان، وإمامُ أهل الزمان، شهد بمؤلفاته القاصي والداني، والموافق والمخالف.

وأما الواعظُ، فهو الابنُ الثاني؛ واسمه: أحمدُ؛ حيثُ كان واعظاً تنفلِقُ الصمُّ الصخورُ عند استماع تحذيره، وترعد فرائصُ الحاضرِينَ في مجالِسِ تذكيره.

فلَّما دنا أَجَلُ الأبِ، دفع بابنَيِّهِ إلى أحد المتصوَّفة، - وكان يدعى أحمدَ بن محمَّدٍ الرَّازكاني - كي يرعاهُما الرعايةَ السليمةَ.

ولمَّا مات الأبُ، أقبل الصُّوفِيُّ على تعليمهما إلى أن فَنِيَ ما تركه الأبُ من قُوت الولَدَيْن، وتعذَّر على الصُّوفِيِّ القيام بقوتهما؛ فقال لهما: اعلما أني قد أنفقت عليكما ما كان لكما، وأنا رجُلٌ من الفقْر والتجْريد؛ بحيثُ لا مال لي؛ فأواسيكما، وأصْلَحُ ما أرَى لكما أن تَلْجَأا إلى مدرسة، كأنَّكما من طلبة العلمِ، فيحصل لكما قوتٌ يغنيكما على وقتكما.

وبالفعْلِ فقد انصاعَ الولدَان لأمره، وكان التحاقُهُما بالمدرسةِ سَبَبَ سعادتهما، وعُلُوِّ درجتهما. وكثيراً ما كان يذكر الغَزَّاليُّ هذه الواقعة، ويحكيها بقولته الشَّهيرة: ((طَلَبْنَا العِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَأَبَى أنْ يكُونَ إلاَّ لِلَّهِ».

وتَحْكِي لنا كتبُ التاريخ والتراجمٍ، أن الإمام الغزَّالِيَّ تزوَّج قبل سنِّ العشرين، وكان له ثلاثُ بِنَاتٍ، اسم إحداهن: سِتُّ المُنَّى، وله ابنٌّ اسمه: عُبَيْد اللَّه.

أما أخو الإمامِ الغزّالي ((أحْمَدِ)) فقد تُوُفِّيَ بعد موت الغزاليِّ بخمسةَ عَشَرَ عاماً، أي: في عام عشرين، وخمسمائةدَّ ودُفِنَ بـ ((قَزْوِينَ)).

ولم تسعِفنا كتبُ التراجم بذِكْر شيْء عن الأمّ، فلا نعرف عنها شيئاً، سوَى أنها عَاشَتْ بعد موْتِ زوجها، ونعمت بشهرة ولَدَيْهَا في («بَغْدَاد)».

رحلاته في طلب العلم:

مما لا شك فيه، أن حاجة العلماء إلى الرحلة عظيمةٌ جدًّا؛ سَعْياً في تحصيل العلم، والسماع من الأشْيَاخِ؛ لأن في الرحلة إليهِمْ، والإلتقاءِ بهم، تثقيفاً للعقول، وتنقيحاً للعلوم، وتمحيصاً للمحفوظ. ولقد كانت الرحلة سُنَّةَ العلماء من لَدُنْ سيِّدنا محمد - عليه الصلاة والسلام - إلى أن وقع الناسُ فريسةً للتخلُّف والتكاسل، فقعد بهم ذلك عن طلب العلمِ، والسعي في تحصيله.

ولقد كان بعْضُ أصحاب رسُولِ اللَّه - صلَّى الله عَليْه وسلَّم - إذا تناءت به الدارُ، يركب إلى (المدینة))، فيسأل رسول الله - صلی الله عليه وسلم -

واستمر ذلك السعيُ والتَّزْحَال بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ولما اتسعت رقعةُ الدولة

11