67

التيسير في التفسير

التيسير في التفسير

Baare

ماهر أديب حبوش وآخرون

Daabacaha

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1440 AH

Goobta Daabacaadda

أسطنبول

Noocyada

Fasiraadda
فانظر إلى هذه الدقيقة كيف لاحظها، ثم كيف حلَّها بأسلوبه الواضح البسيط. - ومما يدلُّ على دقَّته وبُعدِ نظره أيضًا ما جاء عند قوله تعالى: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ﴾ [آل عمران: ٣٤ - ٣٥] فقال: وقيل: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ﴾؛ فهو ﴿سَمِيعٌ﴾ لمقالتها ﴿عَلِيمٌ﴾ بنيَّتها. فالمؤلِّف عَلِم أن سائلًا سيسأل: اللَّهُ سميعٌ عليمٌ دومًا، فكيف قيَّدْتَ سمعَه وعلمَه بوقتِ قولها؟ فأجاب بما يعلِّل كلامه ويردُّ السؤال. - وفي قوله تعالى: ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: ١٠] ذكَر قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨] ثم قال: ولا تُعارض هذه الآيةُ تلك الآيةَ؛ لأن عزَّ الرسول والمؤمنين بإعزازِ اللَّه، فله العزةُ جميعًا على الحقيقة. - وانظرْ لهذه الدَّقيقةِ وحُسنِ حلِّها في قوله تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾ [القلم: ١٩ - ٢٠] قال: وإنَّما قال: ﴿فَأَصْبَحَتْ﴾، وقد طاف الطَّائف ليلًا؛ لأنَّ معناه: فنظروا إليها صباحًا، فصارَت لهم كجنَّةٍ قد صُرِمَتْ ثمارُها، وكأرضٍ قد حُصِدَ زرعُها. - ومثل ذلك في قوله تعالى: ﴿لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ﴾ [القلم: ٤٩] قال: أي: لأُلقيَ بالأرض العارية عن النَّبات والبناء ﴿وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ بزلَّته. قال: وقد مرَّ في آية أخرى: ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ﴾ [الصافات: ١٤٥]؛ أي: ألقاه الحوت. قال: ولا تختلف الآيتان لوجهين: أحدهما: أنَّ الأوَّلى ليس بمطلَقِ النبذ، بل لنبذِه مذمومًا ولم يكن كذلك، وفي الثَّاني نبذَه بالعراء وقد كان محمودًا، وأرسلَه إلى مئة ألفٍ أو يزيدون.

المقدمة / 68