وقال الزجَّاج: رابني فلانٌ: إذا علصتَ منه الرِّيبةَ، وأمرٌ رابني (^١)؛ أي: أَوهمَني الرِّيبةَ، وأنشد:
أخوكَ الذي إنْ رِبْتَه قال إنَّما... أَرَبْتَ وإنْ عاتَبْتَه لانَ جانِبُهْ (^٢)
جعَل الأولَ للحقيقة والثاني للوهم.
و(لا) كلمةُ تبرئةٍ، وهي إذا دخلت اسمًا واحدًا بُني على الفتحة ولم ينوَّنْ؛ لأنهما يصيران كاسمٍ واحد بمنزلةِ خمسةَ عَشَرَ، فإنَّ قولك: لا رجلَ في الدار، هو جوابُ قولِ السائل (^٣): هل من رجلٍ في الدار؟ و(مِن) مع (رجلٍ) صارا (^٤) شيئًا واحدًا في السؤال، فصار هذان أيضًا شيئًا واحدًا في الجواب.
و(مِن) لتعميم سؤالِ (^٥) النفي؛ فإنه سؤالٌ عن الواحد وما زاد عليه، و(لا رجلَ) نفيُ الواحد وما فوقه (^٦)، ولو قال: هل رجلٌ في الدار؟ فهذا سؤالٌ عن الواحد لا غير (^٧)، وقولُك: ما في الدار رجلٌ، نفيٌ للواحد لا غير، ويجوز أن يكون فيه اثنانِ وأكثرَ، وهذا كشفُ ما ذكَره الزجاج وأجمله (^٨).
(^١) في (أ): "وأرابني" وفي (ف): "ورابني" بدل من "وأمر رابني".
(^٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٦٩)، والبيت للمتلمس أو لبشار بن برد كما في "اللسان" (مادة: راب).
(^٣) في (أ) وهامش (ف): "القائل".
(^٤) في (ف): "صار".
(^٥) في (ف): "السؤال في".
(^٦) في (ف): "وما زاد عليه".
(^٧) في (أ): "واحد لا غير"، والعبارة وقع مكانها بياض في (ف).
(^٨) في (أ) و(ف): "وأجمل". وانظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٦٩).