238

التيسير في التفسير

التيسير في التفسير

Baare

ماهر أديب حبوش وآخرون

Daabacaha

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1440 AH

Goobta Daabacaadda

أسطنبول

Noocyada

Fasiraadda
وقال الإمامُ أبو منصورٍ ﵀: احتمَل أن يكون اللَّهُ تعالى حَمدَ نفسَه ليُعلِمَ الخَلْقَ استحقاقَه (^١) الحمدَ بذاتِه فيَحمدوه، ويحتمِل أن يكون على إضمارِ الأمرِ؛ أي: قولوا: الحمدُ للَّهِ، وهو أمرٌ بتوجيه الشُّكر إليه؛ لأنَّ النِّعَم منه، وذلك يتضمَّن الأمرَ أيضًا بكلِّ المُمكن مِن الطَّاعات، على ما روي عن النبيِّ ﷺ: أنَّه صلَّى حتى تورَّمت قَدماهُ، فقيل له: قد غَفرَ اللَّهُ لكَ ما تقدَّم مِن ذنبك وما تأخَّر؟! قال: "أَفَلا أكونَ عبدًا شكورًا" (^٢)، فصيَّر أنواعَ الطاعات شكرًا له (^٣).
وتكلَّموا في قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ أنَّه على الأمرِ به، أو على الإخبارِ، أو على الابتداءِ:
قال بعضهم: هو على الأمرِ؛ أي: قولوا: الحمدُ للَّه، وإضمارُ القولِ ثابتٌ في كثيرٍ مِن الآيات؛ قال اللَّه تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ﴾ [البقرة: ١٢٧]؛ أي: قالا ربَّنا.
وقال: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الرعد: ٢٣ - ٢٤]؛ أي: يقولون: سلامٌ عليكم.
وقال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٦]؛ أي: يقال لهم: أَكَفرتم بعد إيمانِكم.
ويدلُّ على هذا الإضمارِ قولُه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ولا بدَّ هاهنا مِن إضمارِ: قولوا.

(^١) في (ر): "استحقاق".
(^٢) رواه البخاري (١١٣٠)، ومسلم (٢٨١٩)، من حديث المغيرة بن شعبة ﵁.
(^٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" لأبي منصور الماتريدي (١/ ٣٥٨ - ٣٥٩).

1 / 93