التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
68

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Daabacaha

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Lambarka Daabacaadda

١٣٧٧ هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٥٧ م

Goobta Daabacaadda

مصر

Noocyada

Usulul Fiqh
(فَصْلٌ: حُكْمُ الْعَامِّ التَّوَقُّفُ عِنْدَ الْبَعْضِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ لِاخْتِلَافِ أَعْدَادِ الْجَمْعِ) فَإِنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ كُلُّ عَدَدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ كُلُّ عَدَدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَفْلُسٌ يَصِحُّ بَيَانُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ فَيَكُونُ مُجْمَلًا. (وَإِنَّهُ يُؤَكَّدُ بِكُلٍّ وَأَجْمَعَ وَلَوْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا لَمَا اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ ــ [التلويح] مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ الثَّانِي مُثْبِتٌ لِحِلٍّ جَدِيدٍ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْخَاصِّ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ هَاهُنَا الْعَقْدُ بِدَلِيلِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ، وَاشْتِرَاطُ الدُّخُولِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ حَيْثُ قَالَ «لَا حَتَّى تَذُوقِي» جَعَلَ الذَّوْقَ غَايَةً لِعَدَمِ الْعَوْدِ فَإِذَا وُجِدَ ثَبَتَ الْعَوْدُ وَهُوَ حَادِثٌ لَا سَبَبَ لَهُ سِوَى الذَّوْقِ، فَيَكُونُ الذَّوْقُ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْحِلِّ، وَبِقَوْلِهِ ﵊ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» جَعَلَ الزَّوْجَ الثَّانِيَ مُحَلِّلًا أَيْ: مُثْبِتًا لِلْحِلِّ فَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ يَكُونُ الزَّوْجُ الثَّانِي مُتَمِّمًا لِلْحِلِّ النَّاقِصِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَتَقْرِيرُ الثَّانِيَةِ أَنَّ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] لَفْظَ الْقَطْعِ خَاصٌّ بِالْإِبَانَةِ عَنْ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةِ إبْطَالِ الْعِصْمَةِ، فَفِي الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَطْعَ يُوجِبُ إبْطَالَ الْعِصْمَةِ الثَّابِتَةِ لِلْمَالِ قَبْلَ الْقَطْعِ حَتَّى لَا يَجِبَ الضَّمَانُ بِهَلَاكِهِ، أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْخَاصِّ، وَجَوَابُهُ أَنَّ انْتِفَاءَ الضَّمَانِ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿جَزَاءً﴾ [المائدة: ٣٨] فَإِنَّ الْجَزَاءَ الْمُطْلَقَ فِي مَعْرِضِ الْعُقُوبَاتِ مَا يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ وَاقِعَةً عَلَى حَقِّهِ تَعَالَى، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ تَحَوُّلُ الْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ فِعْلِ الْقَطْعِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَالُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ مُلْحَقًا بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ، وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اعْتِبَارَاتٌ سُؤَالًا وَجَوَابًا أَعْرَضْنَا عَنْهَا مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ [فَصْلٌ حُكْمُ الْعَامِّ] (قَوْلُهُ فَصْلٌ) حُكْمُ الْعَامِّ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَشَاعِرَةِ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ عُمُومٍ، أَوْ خُصُوصٍ، وَعِنْدَ الْبَلْخِيّ وَالْجُبَّائِيِّ الْجَزْمُ بِالْخُصُوصِ كَالْوَاحِدِ فِي الْجِنْسِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الْجَمْعِ، وَالتَّوَقُّفُ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ مَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ الْأَفْرَادِ قَطْعًا وَيَقِينًا عِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَعَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَظَنًّا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ حَتَّى يُفِيدَ وُجُوبَ الْعَمَلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ، وَيَصِحُّ تَخْصِيصُ الْعَامِّ مِنْ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَذْهَبِ التَّوَقُّفِ تَارَةً بِبَيَانِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ادَّعَى عُمُومَهَا مُجْمَلٌ، وَأُخْرَى بِبَيَانِ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ أَعْدَادَ الْجَمْعِ مُخْتَلِفَةٌ مِنْ غَيْرِ أَوْلَوِيَّةٍ لِلْبَعْضِ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤَكَّدُ بِكُلٍّ وَأَجْمَعَ مِمَّا يُفِيدُ بَيَانَ الشُّمُولِ وَالِاسْتِغْرَاقِ فَلَوْ كَانَ لِلِاسْتِغْرَاقِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَهُوَ لِلْبَعْضِ وَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ فَيَكُونُ مُجْمَلًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ فَيَكُونُ

1 / 69