التحرير في شرح مسلم
Tifaftire
إبراهيم أيت باخة
Daabacaha
دار أسفار
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1442 AH
Goobta Daabacaadda
الكويت
Noocyada
كَانَ غَرَضُ القَائِلِ: لَيسَ للهِ حَدٌّ: لَا يُحِيطُ عِلمُ الحَقَائِقِ بِهِ، فَهُوَ مُصِيبٌ، وَإِن كَانَ غَرَضُهُ بِذَلِكَ: لَا يُحِيطُ عِلمُهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ، فَهُوَ ضَالٌّ، أَو كَانَ غَرَضُهُ: أَنَّ اللهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَهُوَ أَيْضاً ضَالٌّ)(١)، فبين أن مذهبه الذي يرتضيه لنفسه الإمساك عن الخوض في ذلك، ولما أجاب أجاب بما يقتضيه تنزيه الله.
وأما ما نسب إليه أنه كان يقول: (اللهُ يَنزِلُ بِذَاتِهِ)(٢)، فلا أرى أنه يصح عنه، ولا يوافق منهجه في الصفات، وإن نُسب ذلك لبعض العلماء، قال الحافظ ابن عبد البر: (وَقَد قَالَت فِرْقَةٌ مُنتَسِبَةٌ إِلَى السُّنَّةِ إِنَّهُ يَنزِلُ بِذَاتِهِ! وَهَذَا قَوْلٌ مَهجُورٌ)(٣)، وإنما وقع ذلك ممن وقع منه؛ في سياق المحاججة والمناظرة وإرغام الخصم، ولم يكن الإمام الأصبهاني ممن يسلك هذا المسلك كما سيظهر في الأمثلة من كتاب التحرير.
ومما يدل على أن الأصبهاني لم يكن من أهل هذه المقالة، ما ذكره الإمام الذهبي عن ابن السمعاني في ترجمة الحافظ أبي مسعود كُوتَاه الأصبهاني، حيث قال: (لمَّا وردتُ أصبهانَ كانَ - يعني كوتاه - مَا يخرجُ من دارِهِ إِلّا لحاجةٍ مهمّةٍ، كانَ شيخُه إسماعيلُ الحافظُ هجرَه، ومَنعَه من حضورِ مجلسِه لمَسأَلَةٍ جَرَت في النُّزولِ، وكانَ كوتَاه يقولُ: النُّزولُ بالذَّات، فأنكَرَ إسماعيلُ هذا، وأمرَه بالرُّجوعِ عنه، فما فعل)(٤).
وعند ابن السمعاني بسند أعلى، وعبارة أوضح: (فَإِنَّ أَبَا مَسعُودٍ كَانَ يَقُولُ
(١) سير أعلام النبلاء: ٢٠/٠٨٥
(٢) مختصر الصواعق المرسلة: ص ٤٦٩.
(٣) الاستذكار: ٢/٥٣٠.
(٤) سير أعلام النبلاء: ٢٠/٠٣٣٠
85