52

التحرير في شرح مسلم

Tifaftire

إبراهيم أيت باخة

Daabacaha

دار أسفار

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1442 AH

Goobta Daabacaadda

الكويت

المبحث السادس

موضوعه وسياقه التاريخي

أنزل الله كتابه العزيز ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥]، وجعل نبيه الكريم ﷺ أفصح العرب لسانا، وأبلغهم بيانا، قال سبحانه: ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل: ١٠٣]، ولهذا فلا يمكن إدراك معاني الوحيين، ولا فهم مقاصد الشريعة، إلا بمعرفة اللغة العربية، قال الشاطبي: (فَإِذَا فَرَضْنَا مُبْتَدِئًا فِي فَهْمِ العَرَبِيَّةِ فَهُوَ مُبْتَدِئٌ فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ، أَو مُتَوَسِّطًا؛ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ وَالمُتَوَسِّطُ لَم يَبلُغْ دَرَجَةَ النَّهَايَةِ، فَإِنِ انتَهَى إِلَى دَرَجَةِ الغَايَةِ فِي العَرَبِيَّةِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ)(١).

ولما كان الصحابة أهل عربية أصلا وانتسابا، وتحدثوها وفهموها فطرة وسليقة، وارتضعوا أنساقها وأوضاعها ووجوهها، كما ارتضعوا حليب أمهاتهم، فإنهم كانوا أسلم الناس فهما، وأعلم الخلق بمراد الله ومراد رسوله ﷺ، وكذلك التابعون، وحذاق الأئمة المجتهدون.

ولما اتسعت رقعة الإسلام، وبلغت دعوته المشرق والمغرب، ودخل في دين الله أفواج العجم، تفطن العلماء إلى ضرورة حفظ اللغة العربية وتقعيدها، لأنها بوابة الدين، وسياج الشريعة، فظهرت مصنفات الأئمة في مختلف جوانبها وعلومها، أبرزها كتب معاجم اللغة.

(١) الموافقات: ٥٣/٥.

52