49

Tabsir Fi Din

التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

Baare

كمال يوسف الحوت

Daabacaha

عالم الكتب

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1403 AH

Goobta Daabacaadda

لبنان

نَفسه وَقَالَ كثير مِنْهُم أَنه لَا يرى شَيْئا وَلَا يبصر بِحَال وَلَيْسَ معبودهم على هَذَا القَوْل إِلَّا كَمَا نهى إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ﵇ أَبَاهُ عَن عِبَادَته حِين قَالَ ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَت لم تعبد مَا لَا يسمع وَلَا يبصر وَلَا يُغني عَنْك شَيْئا﴾ وَمِمَّا اتَّفقُوا عَلَيْهِ من فضائحهم قَوْلهم أَن كَلَام الله تَعَالَى مَخْلُوق لَهُ يخلق لنَفسِهِ كلَاما فِي جسم من الْأَجْسَام فَيكون فِيهِ متكلما وَأَنه لم يكن متكلما قبل أَن خلق لنَفسِهِ كلَاما لَيْت شعري كَيفَ يكون كَلَام الْمُتَكَلّم مسموعا من غَيره وَلَو كَانَ الْأَمر على مَا قَالُوهُ لَكَانَ الْأَمر وَالنَّهْي وَالشَّرْع لذَلِك الْجِسْم الَّذِي خلق فِيهِ الْكَلَام وَذَلِكَ خلاف قَوْله تَعَالَى إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه أَن نقُول لَهُ كن فَيكون وَزَعَمُوا أَن الْكَلَام هُوَ الْمَكْتُوب فِي الصُّحُف والمقروء بالألسنة غير الْكَلَام الَّذِي نزل بِهِ جِبْرِيل على الْمُصْطَفى عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام بل كَانَ ذَلِك عرضا مَعْلُوما وَهَذَا الَّذِي يُتْلَى وَيكْتب عرض آخر وجد وَهَذَا خلاف قَول الْأمة قبلهم وَمِمَّا اتَّفقُوا عَلَيْهِ قَوْلهم إِن أَفعَال الْعباد مخلوقة لَهُم كل وَاحِد مِنْهُم وَمن جملَة الْحَيَوَانَات كالبقة والبعوض والنملة والنحلة والدودة والسمكة خَالق خلق أَفعاله وَلَيْسَ خَالِقًا لأفعالهم وَلَا قَادِرًا على شَيْء من أَعْمَالهم وَأَنه قطّ لَا يقدر على شَيْء مِمَّا يَفْعَله الْحَيَوَانَات كلهَا فَفعل الذُّبَاب والبقة والجرادة أَفعَال هِيَ خالقة لَهَا وَلَيْسَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ قَادِرًا عَلَيْهَا فأثبتوا خالقين لَا يُحصونَ وَلَا يحصرون حَتَّى أَن مذبة لَو تحركت على دن من الْخلّ تطاير عَنْهَا أَكثر من ألف خَالق أَو قريب مِنْهَا وَقد فارقوا بِهَذِهِ الْمقَالة لِسَان الْأمة فَإِن الْأمة كلهم قبلهم كَانُوا يَقُولُونَ لَا خَالق إِلَّا الله كَمَا يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وخالفوا بِهَذَا أَيْضا قَوْله ﷾ أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقة فتشابه الْخلق عَلَيْهِم قل الله خَالق كل شَيْء وَهُوَ الْوَاحِد القهار وَقَوله تَعَالَى ﴿فأروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه﴾ فَلَو كَانَ لغيره خلق على الْحَقِيقَة لبطل تَحْقِيق هَذِه المطالبه وَلم يكن لهَذَا الْإِنْكَار عَلَيْهِم حَقِيقَة.

1 / 64