36

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1398 AH

إن العناصر التي يكون لها الأثر في توجيه الإنسان إلى المعرفة، ثم تحدد له مقاديرها ونوعها - هي في نظري أربعة عناصر:

(أولها) وهو العماد والدعامة لغيره من العناصر - مواهب الشخص واستعداداته، ونزوعه.

(ثانيها) من يصادفهم من الموجهين والشيوخ الذين يسنون له طريقاً من سبل المعرفة ومناهجها، ويخطون في نفسه الخطوط التي تنطبع فيها ولا تمحى.

(ثالثها) حياته واختباراته وتجاريه ودراساته الشخصية.

(رابعها) العصر الذي أظله، والبيئة الفكرية التي كنفته ولابسته وغذته، ولنتكلم في كل عنصر من هذه العناصر. فقد أثرت جميعها في تكوين الشافعي، وكان لكل منها مقادير مناسبة في تكوينه وتوجيهه وتأثيره.

١ - مواهبه

٢٥ - لقد آتى الله الشافعي حظاً من المواهب بجعله في الذروة الأولى من قادة الفكر، وزعماء الآراء.

(١) فقد كان الشافعي قوي المدارك، كان قوياً في كل قواه العقلية، كان حاضر البديهة، تتنزل عليه المعاني انثيالاً في وقت الحاجة إليها، لم يكن به حبسة فكرية، ولم يكن ممن تغلق عليه الأمور، بل كان يلقي على ما يدرس ضوءاً من تفكيره، فتتضح بين يديه الحقائق، ويستقيم أمامه منطقها، فيسلك به مسالكها، وكان عميق الفكرة بعيد الغوص، لا يكتفي من الأمور بدراسة ظاهرها، بل يذهب بها إلى أعمق أغوارها، كان بعيد المدى في الفهم لا يقف عند حد حتى يصل إلى الحق كاملاً فيما يراه، وكان يتجه في دراسته للحوادث وأحكامها إلى وضع ضوابط عامة

36