34

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1398 AH

ومحمد بن عبد الحكم أحد تلاميذه بمصر يقول : (( لولا الشافعى ما عرفت كيف أرد على أحد ، وبه عرفت ما عرفت ، وهو الذى علمنى القياس ، رحمه اللّه فقد كان صاحب سنة وأثر وفضل وخير ، مع لسان فصيح طويل ، وعقل صحيح رصين )) .ولقد قال أحمد بن حنبل فيه: (( ويروى عن النبى صلى الله عليه وسلم: أن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة رجلا يقيم لها أمر دينها ، فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة ، وأرجو أن يكون الشافعى على رأس المائة الأخرى )) . وقال داود بن على الظاهرى : (( الشافعى من الفضائل ما لم يجتمع لغيره من شرف نسبه ، وصحة دينه ومعتقده ، وسخاوة نفسه ، ومعرفته بصحة الحديث وسقيمه وناسخه ومنسوخه ، وحفظ الكتاب والسنة ، وسيرة الخلفاء وحسن التصنيف )) .

وهكذا نجد الشهادات تترى بمكانته من العلم فى عصره ، وارجع إليها إن شئت المزيد فى الكتب التى تصدت لترجمته وبيان مناقبه رضى الله عنه.

ولنترك تلك الشهادات جانباً ، وإن كانت لها مكانتها ، فقد يتهم قائلوها بالتعصب له ، وقد يكون من المتعصبين عليه من يقول نقيضها ، وإن كان باطلا ، ولكنها شهادة بشهادة ، ولئن تجاوزنا ذلك لنجدن شهادة أقوم دليلا وأبين بياناً ، وهى ما تركه من آثار ، من أقوال مأثورة ، أو فتاوى منثورة ، أو رسائل كتبها ، أو كتب أملاها ، أو خلافات دونها ، أو مناظرات أقامها ، ففى كل ذلك الدليل على مقدار علمه ، ومقدار مواهبه ، واتساع أفقه ، وفصيح بيانه ، وقوة جنانه ، فكان أكبر من أديب ، وأكثر من فقيه.

٢٣ - أوتى رضى الله عنه علم العربية، وأوتى علم الكتاب ، ففقه معانيه وطب أسراره ومراميه ، وقد ألقى شيئاً من ذلك فى دروسه ، قال بعض تلاميذه : كان الشافعى إذا أخذ فى التفسير ، كأنه شاهد التنزيل ،

34