Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
Daabacaha
دار الفكر العربي
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1398 AH
إلى آراء مالك بنقد أو تزييف، بل كان يلقى بآرائه، خالفت أو وافقت رأى مالك من غير نقد له، ولذلك كان يعد من أصحاب مالك، وإن كان في جملة آرائه ما يخالفه قليلاً أو كثيراً، كما خالف بعض أصحاب مالكاً، وكما خالف أصحاب أبي حنيفة شيخهم، ولكن حدث ما اضطر الشافعي إلى أن يتجه لآراء شيخه بالنقد والتزييف، ذلك أنه بلغه أن مالكاً تقدس آثاره وثيابه في بعض البلاد الإسلامية، وأن من المسلمين ناساً يتحدث إليهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعارضون الحديث بقول مالك، عندئذ تثور نفس الشافعي، لأنه يرى أن الناس عدوا بمالك مرتبة الجهد الذي يلتمس من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الناس مقدمون على أمر خطير، إذ يعارضون بأحاديث الرسول أقوال ناس يصيبون ويخطئون، وما كان لأحد مع الحديث رأي، لذلك يتقدم الشافعي الذي لقبه العلماء في عصره بناصر الحديث لنصرة الحديث، ويجد الطريق معيناً ليسلكه، وهو أن ينقد آراء مالك، ويعلن الزيف منها، ليعلم الناس أن مالكاً بشر يخطئ ويصيب، وأنه لا رأي له مع الحديث، ويؤلف في ذلك كتاباً سماه ((خلاف مالك))، ولكنه يتردد في إعلانه وفاء لمالك شيخه وأستاذه، والذي كان يقول عنه طول حياته إنه الأستاذ، يتردد بين إرشاد الناس لما رآه أخطاء لمالك، وهو يخشى على السنة من تقديسه، وبين الوفاء لمالك، فيطوي الكتاب سنة، وهو متردد، ثم يستخيره بالله فينشره.
يروى في هذا المقام الفخر الرازي: أن الشافعي إنما وضع الكتاب على مالك، لأنه بلغه أن بالأندلس قلنسوة لمالك يستقى بها، وكان يقال لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون قول مالك، فقال الشافعي، إن مالكاً آدمي قد يخطئ ويغلط، فصار ذلك داعياً الشافعي إلى وضع الكتاب على مالك، وكان يقول كرهت أن أفعل ذلك، ولكني استخرت الله تعالى فيه سنة. وقال الربيع سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: قدمت مصر ولا أعرف أن مالكاً يخالف من أحاديثه إلا ستة عشر حديثاً،
30