27

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1398 AH

يعرف مكانها من علم الشريعة ، ومعرفة صحيحها وسقيمها ، وطرق الاستدلال بها ، ومقامها من القرآن الكريم ، ثم كيف يستخرج الأحكام إذا لم يكن كتاب ولا سنة . وما ضوابط الاجتهاد في هذا المقام ، وما الحدود التي ترسم للمجتهد فلا يعدوها ليأمن من شطط الاجتهاد . لأجل هذا طال مقامه ، وقد عهدناه صاحب سفر فهو لابد في هذه الأثناء قد انتهى إلى وضع أصول الاستنباط وخرج بها على الناس ، ولعله عندما انتهى إلى قدر يصح إخراجه وعرضه للجمهرة من الفقهاء ، سافر إلى بغداد عش الفقهاء جميعاً ، إذ ضؤل أمر المدينة بعد وفاة مالك رضي الله عنه ، وبعد أن صار ببغداد أهل الرأي وأهل الحديث معاً .

١٨ - قدم الشافعي بغداد للمرة الثانية في سنة ١٩٥ ، وقد قدم وله طريقة في الفقه لم يسبق بها . وجاء وهو لاينظر إلى الفروع يفصل أحكامها وإلى المسائل الجزئية يفتى فيها فقط ، بل جاء وهو يحمل في عيبته قواعد كلية ، أصل أصولها ، وضبط بها المسائل الجزئية . فقد جاء إذن بالفقه علماً كلياً ، لا فروعاً جزئية ، وقواعد عامة ، لا فتوى وأقضية خاصة ، رأت فيه بغداد ذلك ، فانثال عليه العلماء والمتفقهون ، وطلبه المحدثون، وأهل الرأي جميعاً . وفي هذه القدمة ذكروا أنه ألف لأول مرة من كتاب الرسالة الذي وضع به الأساس لعلم أصول الفقه . وجاء في مناقب الشافعي، للرازي أنه : روى أن عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي ، وهو شاب ، أن يضع له كتاباً يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقرآن والسنة والإجماع والقياس وبيان الناسخ والمنسوخ ، ومراتب العموم والخصوص فوضع الشافعي رضي الله عنه كتاب الرسالة وبعثها إليه، فلما قرأها عبدالرحمن ابن مهدي قال : ما أظن أن الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل ، ثم يقول الرازي : واعلم أن الشافعي رضي الله عنه قد صنف كتاب الرسالة وهو ببغداد ، ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب الرسالة ، وفي كل واحد منهما علم كثير)) .

27