22

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1398 AH

الباب الذى يلج منه صغار النفوس إلى كبراء النفوس، ليحولوا نفوسهم عن مجرى العدل والحق، فالشافعى إذ غلقه قد حصن لنفسه من كل شر وظلم، لأن كبار النفوس لا ينالون إلا بالمصانعة وتملق المتملقين لهم، ولذا صار كله للعدل. ولكن العدل دائماً مركب صعب لا يقوى عليه إلا أولو العزم من الرجال، وهم يتعرضون لخشونة الزمان وأذاه، وكذلك كان الشافعى.

١٥ - محنته : لقد نزل باليمن، ومن أعمالها نجران، وبها آل غشوم ظلوم، فكان الشافعى يأخذ على يديه، ويمنع مظالمه أن تصل إلى من تحت ولايته، وربما نال الشافعى ذلك الوالى بما يملكه العلماء من سيف يحسنون استعماله، ويكثرون من إرهاقه، وهو النقد، فلعله كان مع الأخذ على يديه يناله بنقده، ويسلقه بلسانه، فأخذ ذلك الوالى يكيد له، بالدس والسعاية والوشاية، وكل ميسر لما خلق له.

كان العباسيون يعدون خصومهم الأقوياء العلويين، لأنهم يدلون بمثل نسبهم، ولهم من رحم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما ليس لهم، فإذا كانت دولة العباسيين قامت على النسب، فأولئك يمتون بمثله، وبرحم أقرب، ولذا كانوا إذا رأوا دعوة علوية قضوا عليها، وهى فى مهدها، ويقتلون فى ذلك على الشبهة لا على الجزم واليقين، إذ يرون أن قتل برىء يستقيم به الأمر لهم، أولى من ترك متهم يجوز أن يفسد الأمن عليهم.

جاءهم الوالى الظالم من هذه الناحية الضعيفة فى نفوسهم، واتهم الشافعى بأنه مع العلوية، فأرسل إليه الرشيد: إن تسعة من العلوية تحركوا، ثم قال فى كتابه: إنى أخاف أن يخرجوا، وإن ها هنا رجلا من ولد شافع المطلبى لا أمر لى معه ولا نهى، وفى بعض الروايات أنه قال فى الشافعى: يعمل بلسانه مالا يقدر عليه المقاتل بسيفه، فأرسل الرشيد أن يحضر

22