26

Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Noocyada

ولذلك فإنَّ المؤمن يَسْتَعِدُّ لِلِارْتِحَالِ عن الدُّنيا، وَيَتَشَوَّفُ إلى الآخرة، بخلاف الكافر الَّذي يحرص على طول المقام فيها، ويمدّ عينيه إلى زخرفها، ويحذر فوات نعيمها، ويرغب في الخلود فيها، قال تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ... (٩٦)﴾ [البقرة]، وقال النَّبيُّ ﷺ: "الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ" (١). فاحذر زهرة الدُّنيا والمغالبة عليها، واحذر سطوة الموت أن تأتي على مهجة أودت بها الغفلة، قال النَّبيُّ ﷺ: "فَوَالله مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ" (٢). وَلَا يَغْرُرْكَ أنَّ أعداءَ الله تعالى فِي رَخَاءٍ وَلِينِ عَيْشٍ، قَالَ تَعَالَى تَسْلِيَةً للمؤمنين: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)﴾ [آل عمران]، وقال تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)﴾ [التّوبة]، وقال تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)﴾ [الحجر]. وانظر إلى فعل الأمر (ذَرْ) وما ينطوي عليه من تهديد لهؤلاء الّذين يؤمِّلون

(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ٢٢٧٢) كتاب الزّهد. (٢) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٥/ص ٨٤/رقم ٤٠١٥) كتاب المغازي.

1 / 27