Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur
الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Noocyada
والشّيطان همّه أن يوقع المؤمنين في الحزن والهمِّ، ليضعف تَعَلُّقَ هِمَم نفوسهم بِالْآخِرَةِ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ... (١٠)﴾ [المجادلة].
والهمّ أخو الحزن فهما صنوان، ولعلَّ الفرق بينهما أنَّ الهمَّ يَرِدُ على القلب إذا كان هناك مكروه سيقع في المستقبل، والحزن يكون بسبب مكروه وقع.
والهمُّ والحزن من أمراض القلوب الَّتي توهن العزائم، ولذلك كان ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ" (١). وهذه الدَّار تَكْثُرُ فِيها الْهُمُومُ وَالأَحْزَانُ، ولذلك إذا دخل أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، قالوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ... (٣٤)﴾ [فاطر]، فدلَّ عَلَى أَنَّ حُزْنَ الدُّنْيَا غَيْرُ مَحْمُودٍ.
ولم يأت الحزن في مقام المدح في موضع، ولم يأمر الله تعالى به قطّ، أمّا قوله
تعالى: ﴿تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢)﴾ [التّوبة]، فلم يمدحوا على الحزن، وإنّما على دلالته، فهو يكشف عن صدق إيمانهم، وحسن نيّاتهم، فقد بكوا لمّا قال لهم النَّبيُّ ﷺ: ﴿... لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ... (٩٢)﴾ [التّوبة].
وأمّا قوله ﷺ: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ" (٢).
(١) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٨/ص ٧٨/رقم ٦٣٦٣) كِتَابُ الدَّعَوَاتِ.
(٢) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٧/ص ١١٤/رقم ٥٦٤١) كِتَابُ المَرْضَى.
1 / 151