Al-Sabr in Hadith Studies
السبر عند المحدثين
Daabacaha
مكتبة دار البيان
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
كانتْ بينَ أيديهِمْ لا تختلفُ عمَّا في أيدينَا، فهيَ مدوَّنةٌ في الكتبِ والمصنَّفاتِ، وإنَّما اختلفَتْ هِمَّةُ الطَّلبِ، وحِدَّةُ الصَّبرِ والمثابرَةِ، فهذَا الحافظُ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» يقولُ في تتبُّعهِ لطُرقِ حديثِ: «إِنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ»: «تَتَبَّعْتُهُ من الْكُتُبِ وَالْأَجْزَاءِ، حتى مَرَرْتُ على أَكْثَرَ من ثَلَاثَةِ آلَافِ جُزْءٍ فما اسْتَطَعْتُ أَنْ أُكْمِلَ له سَبْعِينَ طَرِيقًا» (^١).
وقدْ سهَّلَ اللهُ علينَا الطَّريقَ في عمليَّةِ السَّبرِ بمَا أنعمَهُ علينَا منْ نعمَةِ التقنيَّةِ الحديثَةِ، بحيثُ يستطيعُ الواحدُ منَّا جمعَ طرقِ حديثٍ في عُشرِ معشارِ المدِّةِ التي كانَ يقضيهَا الأئمَّةُ في ذلكَ منْ خلالِ الحاسوبِ المُفهرِسِ (^٢)، فاختصَرَ علينَا الطَّريقَ في جمعِ وتتبُّعِ وسبرِ الأسانيدِ.
ثالثًا: إدراكُ علَّةِ حديثٍ خيرٌ منْ حفظِ مئةِ حديثٍ، هذَا ما أَوعَزَ إِليهِ أئمَّةُ الحديثِ، فلئنْ يُمضِيَ الباحثُ المتخصِّصُ ردحًَا منَ الزَّمنِ في جمعِ طرقِ حديثٍ لاستخراجِ مكمنِ علَّتِهِ يذُبُّ بذلكَ عن سنَّةِ رسولِ اللهِ ﷺ، ويميِّزُ الدَّخيلَ فيهَا منَ الأصيلِ، خيرٌ لهُ منْ أنْ يحفظَ مئةَ حديثٍ لا يعلَمُ غثَّهَا من سَمينِهَا، قَالَ ابنُ مهديٍّ «ت ١٩٨ هـ»: «لَئِنْ أَعْرِفَ عِلَّةَ حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَسْتَفِيدَ عَشَرَةَ أَحَادِيثٍ» (^٣). وقالَ الإمامُ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ»: «مِنْ أَهَمِّ أَنْوَاعِ العُلُومِ تَحْقِيقُ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّاتِ، أَعْنِي: مَعْرِفَةَ مُتُونِهَا، صَحِيحِهَا، وَحَسَنِهَا، وَضَعِيفِهَا. مُتَّصِلِهَا، وَمُرْسَلِهَا، وَمُنْقَطِعِهَا، وَمُعْضَلِهَا، وَمَقْلُوبِهَا، وَمَشْهُورِهَا، وَغَرِيبِهَا، وَعَزِيزِهَا، وَمُتَوَاتِرِهَا،
(^١) التلخيص الحبير ١/ ٥٥. (^٢) لا بد من التنبيه إلى أن الحاسوب لا يمكن الاعتماد عليه، إلا كفهرس يسهل لنا الوصول إلى الكتاب، لكثرة الأخطاء في محتوى الكتب المدخلة فيه. (^٣) معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ١/ ١١٢.
1 / 174