Al-Risalah Al-Tadmuriyyah

Ibn Taymiyya d. 728 AH
33

Al-Risalah Al-Tadmuriyyah

الرسالة التدمرية

Daabacaha

المطبعة السلفية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1399 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَلَا مُبَايِنَ لَهُ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ الْعَبْدُ إذَا دَعَاهُ الْعُلُوَّ دُونَ سَائِر الْجِهَاتِ؟! بَلْ جَمِيعُ مَا يَقُولُهُ الْجَهْمِيَّة مِنْ النَّفْيِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ لَيْسَ مَعَهُمْ بِهِ حَرْفٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَا قَوْل أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، بَلْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مَمْلُوءَةٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ قَوْلِهِمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ كُفْرٌ، فَنُؤَوِّلُ، أَوْ نُفَوِّضُ، فَعَلَى قَوْلِهِمْ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَقْوَالِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا مَا ظَاهِرُهُ الْكُفْرُ، وَلَيْسَ فِيهَا مِنْ الْإِيمَانِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، وَالسَّلْبُ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَوْ خَوَاصِّ الْمُؤْمِنِينَ اعْتِقَادُهُ عِنْدَهُمْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ رَسُولٌ، وَلَا نَبِيٌّ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَاَلَّذِي نَطَقَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَوَرَثَتُهُمْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْحَقُّ، بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَقِّ فِي الظَّاهِرِ، بَلْ وَحُذَّاقُهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَقِّ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يُخَاطِبُوا النَّاسَ إلَّا بِخِلَافِ الْحَقِّ الْبَاطِنِ، فَلَبَّسُوا وَكَذَبُوا لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَهَلَّا نَطَقُوا بِالْبَاطِنِ لِخَوَّاصِهِمْ الْأَذْكِيَاءِ الْفُضَلَاءِ إنْ كَانَ مَا يَزْعُمُونَهُ حَقًّا؟ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ خَوَاصَّ الرُّسُلِ هُمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بِالنَّفْيِ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكْذِبَ عَلَى أَحَدِهِمْ، كَمَا يُقَالُ عَنْ عُمَرَ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ كَانَا يَتَحَدَّثَانِ وَكُنْت كَالزِّنْجِيِّ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا مُخْتَلَقٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ: أَنَّ عِنْدَهُمْ عِلْمًا بَاطِنًا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ الَّذِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ.

1 / 34