Al-Risalah Al-Tadmuriyyah

Ibn Taymiyya d. 728 AH
3

Al-Risalah Al-Tadmuriyyah

الرسالة التدمرية

Daabacaha

المطبعة السلفية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1399 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيلِ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَرْشَ فَلَكٌ مِنْ الأفلاك المستديرة الكرية الشَّكْلِ، لَا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ، وَلَا بِدَلِيلِ عَقْلِيٍّ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، الَّذِينَ نَظَرُوا فِي عِلْمِ الْهَيْئَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْفَلْسَفَةِ، فَرَأَوْا أَنَّ الْأَفْلَاكَ تِسْعَةٌ، وَأَنَّ التَّاسِعَ وَهُوَ الْأَطْلَسُ مُحِيطٌ بِهَا، مُسْتَدِيرٌ كَاسْتِدَارَتِهَا، وَهُوَ الَّذِي يُحَرِّكُهَا الْحَرَكَةَ الْمَشْرِقِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ فَلَكٍ حَرَكَةً تَخُصُّهُ غَيْرُ هَذِهِ الْحَرَكَةِ الْعَامَّةِ، ثُمَّ سَمِعُوا فِي أَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ ذِكْرَ عَرْشِ اللَّهِ، وَذِكْرَ كُرْسِيِّهِ، وَذِكْرَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، فَقَالُوا بِطَرِيقِ الظَّنِّ: إنَّ الْعَرْشَ هُوَ: الْفَلَكُ التَّاسِعُ، لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ التَّاسِعِ شَيْءٌ، إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا أَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَهُ مَخْلُوقٌ. ثُمَّ إنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّاسِعَ هُوَ الَّذِي يُحَرِّكُ الْأَفْلَاكَ كُلَّهَا، فَجَعَلُوهُ مَبْدَأَ الْحَوَادِثِ، وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ فِيهِ مَا يُقَدِّرُهُ فِي الْأَرْضِ، أَوْ يُحْدِثُهُ فِي النَّفْسِ الَّتِي زَعَمُوا أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، أَوْ فِي الْعَقْلِ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ هَذَا الْفَلَكُ، وَرُبَّمَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ الرُّوحَ، وَرُبَّمَا جَعَلَ بَعْضُهُمْ النَّفْسَ هِيَ: الرُّوحَ، وَرُبَّمَا جَعَلَ بَعْضُهُمْ النَّفْسَ هِيَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، كَمَا جَعَلَ الْعَقْلَ هُوَ: الْقَلَمَ. وَتَارَةً يَجْعَلُونَ الرُّوحَ هُوَ الْعَقْلَ الْفَعَّالَ الْعَاشِرَ الَّذِي لِفَلَكِ الْقَمَرِ، النَّفْسَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ، وَرُبَّمَا جَعَلُوا

1 / 4