معنى القاعدة ليس مختصًا بعلم بعينه، وإنما هو قدر مشترك بين جميع العلوم، ولأن المتوفّر من المراجع لازال ينقصه الكثير من كتب التراث، سواء كانت مما ضاع، أو مما لم يقع بعدُ، بأيدي الباحثين.
وفيما اطلعنا عليه، وتوفّر لدينا، لم نجد تعريفًا للقاعدة في اصطلاح أهل الفقه والأصول تمتدّ إلى ما هو أبعد من القرن الثامن الهجري.
لقد كان معنى القاعدة معلومًا للعلماء، حتى وإن لم يحدّوه، وفي الدراسات المنطقية المتقدّمة نجد حديثًا كثيرًا عن القضايا التي تتألف منها الحجج والبراهين، والسبل التي تتكوّن منها المقدمات الواجب قبولها، والمقدمات التي هي دون ذلك.
ومنذ عهد الفارابي المتوفي سنة (٣٣٩هـ)(١) ذكروا أنّ الاستقراء هو السبيل النافع في المقدّمات الواجب قبولها، متأثرين بذلك بمقولة أرسطو(٢)
(١) هو أبو نصر محمد بن أحمد بن طرخان. من فلاسفة المسلمين المشهورين. منسوب إلى فاراب في بلاد الترك. اشتهر بمباحثه المنطقية وتحقيقاته فيها، كما عرف بالموسيقى، ويقال إنه وضع الآلة المسماة بالقانون. استقرّ به المقام في حلب عند سيف الدولة الحمداني، وبقي ملازمًا له حتى توفي في دمشق في أثناء سياحة قام بها إليها، سنة (٣٣٩هـ).
من مؤلفاته: ((التوفيق بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو))، ((خصوص المسائل))، ((احصاء العلوم))، ((رسالة في المنطق)).
راجع في ترجمته: ((وفيات الأعيان)) (٢٣٩/٤) وما بعدها، و((شذرات الذهب)) (٢/٣٥٠)، و((الموسوعة الفلسفية)) (ص٢٨٧)، و((الموسوعة العربية الميسرة)) (١٢٦٢/٢)، و((معجم المؤلفين)) (١٩٤/١١)، و((تاريخ فلاسفة الإسلام)) لمحمد لطفي جمعة (ص١٣ - ٥٢).
(٢) من فلاسفة اليونان الكبار، بل هو أعظم فلاسفتهم على الإطلاق. تتلمذ على أفلاطون، ولازمه قرابة عشرين عامًا، ذهب إلى مقدونيا بعد دعوة له من فليب ملك مقدونيا، وأشرف على تعليم ابنه الاسكندر الأكبر.
وعاد إلى أثينا، بعد أن تركها عند وفاة أفلاطون، وأسس فيها مدرسة فكرية هي مدرسة =