201

Al-Nihaya fi Sharh Al-Hidaya

النهاية في شرح الهداية

Daabacaha

رسائل ماجستير، مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى

Sanadka Daabacaadda

1435-1438

Goobta Daabacaadda

مكة المكرمة

الحديث، والحال أن الإغماء فوق النوم في الغفلة على ما ذكرنا فلذلك لا يقاس الإغماء على النوم في حق عدم انتقاض الوضوء في أحوال القيام والقعود والركوع والسجود فإنه لما كان الإغماء فوق النوم لم يكن ورود الحديث [في النوم] (^١) ورودًا في الإغماء للمفارقة بينهما، فإنه لو لم يكن أدنى [الغفلة] (^٢) ناقضًا لا يلزم أن لا يكون أعلاها ناقضًا، بل يكون ناقضًا لوجود المعنى الذي هو به اختص دون الأدنى، فلذلك لم يفترق الحكم في قليل الإغماء (^٣) وكثيره، وكذلك السكر يكون ناقضًا كالإغماء.
(وَالْقَهْقَهَةُ فِي كُلِّ صَلاةٍ ذَاتِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لا تَنْقُضُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ﵀ لأنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ نَجَسٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ حَدَثًا فِي صَلاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلاوَةِ وَخَارِجِ الصَّلاةِ. وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊: «أَلا مَنْ ضَحِكَ مِنْكُمْ قَهْقَهَةً فَلْيُعِدْ الْوُضُوءَ وَالصَّلاةَ جَمِيعًا» وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ. وَالْأَثَرُ وَرَدَ فِي صَلاةِ مُطْلَقَةٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا. وَالْقَهْقَهَةُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ، وَالضَّحِكُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ دُونَ جِيرَانِهِ وَهُوَ عَلَى مَا قِيلَ يُفْسِدُ الصَّلاةَ دُونَ الْوُضُوءِ.
-قوله: (وبمثله نترك القياس) أي: وبمثل هذا الحديث الذي عمل به الصحابة والتابعون وكان [راويه] (^٤) من المعروفين بالفقه والتقدم في الاجتهاد كأبي موسى الأشعري ﵁ يترك القياس.
وقال في «الأسرار»: «والمشهور ما روى أبو العالية مرسلًا ورواه مسندًا إلى أبي موسى الأشعري: أن رجلًا دخل المسجد وفي بصره سوء فمر على بئر عليها خصفة إلى أن ذكر حديث الضحك» (^٥). ثم قال: «ورواه أيضًا أسامة بن زيد عن أبيه (^٦). فهو وإن ورد بخلاف القياس لكن لما ثبت برواية العلماء المشهورين وعمل به الصحابة والتابعون وجب رد القياس به» (^٧).

(^١) ساقط من (أ).
(^٢) في (ب): «القلة».
(^٣) كتب في (أ): ويدخل في الإغماء السكر وحده أن يدخل في مشيته تحرك وهو الصحيح، وكذا في اليمين حتى إذا حلف أنه سكران يعتبر هذا الحد صدر الشريعة.
(^٤) في (ب): «رواية».
(^٥) الأسرار ص (٩٧).
(^٦) الحديث، عن أبي العالية، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي فَمَرَّ رَجُلٌ فِي بَصَرِهِ سُوءٌ عَلَى بِئْرٍ عَلَيْهَا خَصَفَةٌ فَوَقَعَ فِيهَا، فَضَحِكَ مَنْ كَانَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ضَحِكَ فَلْيُعِدِ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ»». انظر: سنن الدارقطني (١/ ٢٩٥، ٣١٤) باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها، الدارقطني، يتحقق: شعيب الأرنؤوط، حسن عبد المنعم شلبي، عبد اللطيف حرز الله، أحمد برهوم، الناشر: دار الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى ١٤٢٤ هـ، قال المحقق بعد أن أورد آحاديث الباب: قال أبوالحسن: رجعت هذه الأحاديث كلها التي قدمت ذكرها في هذا الباب إلى أبي العالية الرياض، وأبو العالية فأرسل هذا الحديث عن النبي ﷺ ولم يُسمِّ بينه وبينه رجلًا سمعه منه عنه، وقد روى عاصم الأصول عن محمد بن سيرين وكان عالمًا بأبي العالية وبالحسن، فقال: لا تأخذوا بمراسيل الحسن ولا أبي العالية، فإنهما لا يباليان عن من أخذا.
(^٧) الأسرار ص (١٠٠).

1 / 70