79

Fiqh Theories

النظريات الفقهية

Daabacaha

دار القلم والدار الشامية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

فالآثار من وضع الشارع، ولكنه جعل العقد سبباً وطريقاً لإثبات الآثار والأحكام، وذلك بأمرين:

١ - الإِذن من الشارع بجعل الرضا طريقاً لإنشاء الحقوق والواجبات وانتقالها من شخص إلى آخر، بقوله تعالى: ﴿يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تأكلُوا أموالَكُم بَيْنَكم بالبَاطِل، إلا أنْ تكونَ تجارةً عن تراضٍ منْكم﴾ (سورة النساء) الآية: ٢٩.

٢ - إن الشارع الحكيم جعل لكل عقد شرعي أثراً يثبت له، فإذا قامت أركانه، وتوفرت شروطه ثبت حكمه، سواء رضي به العاقد أم لم يرض، ولا يمكنه التهرب منه، أو التخلص من نتائجه بعد أن صدر منه الإيجاب والقبول، كما إذا أدى المكلف فعلاً من الأفعال ترتب الأثر الذي وضعه الشارع له، كسقوط الواجب، وإبراء الذمة في العبادات، وتحقيق الآثار في المعاملات، ومتى أتى المكلف بالسبب الشرعي فلا يملك ألا يقع المسبب، ولو قصد ذلك كان قصده باطلاً.

وإن جعل العقود رضائية واختيارية لا يستلزم أن يكون للعاقد حرية اختيار الآثار والأحكام، لأن الرضا والاختيار ينحصر في إيقاع الأسباب، وإنشاء العقود، أو عدم إيقاعها، وعدم إنشائها، أما الآثار والأحكام التي تنشأ عن العقد بعد وقوعه فتترتبُ من الشارع وحده.

مؤيدات العقد:

إن اعتبار آثار العقد من صنع الشارع هو المنطلق في المؤيدات المدنية، وذلك أن الشارع أقام مؤيداً لحماية التنظيم الشرعي الذي وضعه للعقد، وبما أن العقد يتمتع بالصفة المدنية أو المالية، فكان المؤيد له مؤيداً مدنياً أو مالياً، لأن الجزاء من جنس العمل، فإذا خالف الشخص أحد الأحكام الشرعية في التعاقد، فالمؤيد لحمايتها، والحفاظ عليها، وعدم الخروج عنها، ووجوب الالتزام بها، هو عدم ترتيب الآثار والنتائج التي وضعها الشارع للعقد الصحيح على هذا العقد المخالف، فعلى الرغم من وجود التصرف وجوداً مادياً، وصدوره في الواقع، فلا يترتب أثره عليه، لعدم اعتبار الشارع لهذا التصرف، وعدم الاعتراف فيه أو

79