Fiqh Theories
النظريات الفقهية
Daabacaha
دار القلم والدار الشامية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
الأحكام، ولذلك نتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل، فنذكر نشأة العرف والعادة، وأثرهما على النفوس، وسلطانهما في المعاملات، لنصل إلى تعريف العرف والعادة، ثم نبين أقسام العرف ونعرض آراء الأئمة في حجيته والاعتماد عليه، مع بيان الأدلة ومناقشتها، ثم نحدد شروط العرف الصحيح الذي يعتمده العلماء، ونختم الموضوع بعرض عام لأهم الأحكام الشرعية المبنية على العرف، وتغير الأحكام المبنية على العرف، ثم نصل إلى القواعد الفقهية المبنية على العرف لنقيم الجسر بين الباب الثالث عن العرف والباب الرابع عن القواعد الكلية في الفقه الإسلامي.
نشأة العرف والعادة:
يقول المثل: الحاجة أساس الاختراع، وهذا يعني أن حاجة الإنسان تدفعه إلى الجد والتقصي والبحث لمعرفة الطريق الموصل إلى الغاية في تحقيق منافعه، والوصول إلى منيته، وينطبق هذا المثل على الشؤون الاجتماعية والمعاملات المالية وغيرها، فإن الحاجة تكوّن عند الناس - وخاصة العلماء منهم - باعثاً داخلياً للتفتيش عن السبل التي تحقق منافعهم ومصالحهم، وتؤمن حقوقهم، وتسهل معاملاتهم، وتخفف عنهم أعباء الحياة، وتصون لهم الجهد المبذول فيها، ويصلون أخيراً إلى مسلك معين، وأسلوب خاص، وطريقة جديدة، ليسيروا عليها في الوصول إلى هدفهم، فإن تكررت الحادثة أو الواقعة أو المسألة أو القضية مرة ثانية مالت النفس إلى اتباع المنهج الأول دون أن يفكر الإنسان في بذل الجهد من جديد للتفتيش عن طريق آخر. وإنما تميل نفسه فوراً إلى الطريق الأول فيسير عليه، وتألف نفسه هذا الأسلوب، وتستقر عواطفه وجوارحه عليه طالما يحقق له الهدف، ويصل به إلى النتيجة، فيصبح ذلك عادة عنده، سواء كانت العادة في أموره الخاصة أو معاملاته المالية أو علاقاته مع الآخرين(١).
ويراه صديقه أو جاره فيتبعه في منهجه، ويقلده في طريقه، ويسايره في أسلوبه، ويسير على عادته، وهكذا تتكرر العادة من شخص إلى شخص ثم إلى
(١) العرف والعادة ص ١٣.
164