145

Fiqh Theories

النظريات الفقهية

Daabacaha

دار القلم والدار الشامية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

رابعاً - أهلية البالغ العاقل:

يتمتع البالغ في هذه المرحلة بأهلية الوجوب الكاملة، كما كان سابقاً، ويزيد على ذلك أنه يتمتع بأهلية الأداء الكاملة، فتكون جميع تصرفاته معتبرة في نظر الشارع، فتثبت له جميع الحقوق، ويلتزم بنفسه، أو يلزم شرعاً، بجميع الواجبات المالية والتكاليف الشرعية، وتعتبر جميع تصرفاته نافذة، وترفع عنه الولاية أو الوصاية، ويصبح الشخص حراً في نفسه، طليقاً في أمواله، أهلاً للتعامل والتصرف والانتفاع والاستغلال.

والأصل في البلوغ نضوج الجسم واكتمال الحواس والغرائز وظهور علامات الرجولة أو الأنوثة، بأن يصل كل من الفتى والفتاة إلى الحد الذي يصلحان فيه للتناسل، ويقترن مع البلوغ - في الغالب - العقل وتوفر ملكة التفكير والرأي والتمييز والإدراك والوعي.

وعلامات البلوغ الطبيعي بالنسبة للغلام هي الإحبال أو الإنزال بالاحتلام أو بغيره، وبالنسبة للفتاة الحبل أو الحيض أو الإحساس بالشهوة، وأقل مدة تظهر فيها هذه العلامات في الغالب هي اثنتا عشرة سنة للغلام، وتسع سنين بالنسبة للفتاة، وتسمى هذه المرحلة بالمراهقة.

والأدلة على تحقق البلوغ بالعلامات الطبيعية واكتمال أهلية الأداء وتوفر شرط التكليف بالشخص كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وإذا بَلَغَ الأطْفال مِنْكم الحُلُمِ فْلَيَسْتَأذِنُوا كما استأذنَ الذينَ من قبلِهم﴾ (سورة النور) الآية: ٥٩، فعلق وجوب الاستئذان المكلف به الكبار على بلوغ الأطفال الحلم، بينما بين القرآن الكريم حكم الاستئذان للأطفال بأنه يختلف عن استئذان الكبار، وأنه يقتصر على ثلاث مرات في اليوم، وجعل الحد الفاصل بين الحكمين هو بلوغ الحلم، فقال تعالى: ﴿يا أيُّها الذين آمنُوا ليستأذنْكُم الذينَ ملكتْ أيمانُكم والذينَ لم يبلغُوا الحُلمَ منكم ثلاثَ مراتٍ﴾ (سورة النور) الآية: ٥٨، وقال رسول الله ﷺ: ((رُفع القلم عن ثلاثٍ: عن النائم حتى يَسْتيقظ، وعن الصبي حتى يَحْتلم، وعن المجنون حتى يَعْقل))(١)، فالحديث يبين أن الصغير لا يكلف، ولا يعتبر كامل.

(١) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، (الفتح الكبير ١٣٥/٢).

145