Fiqh Theories
النظريات الفقهية
Daabacaha
دار القلم والدار الشامية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
وإن خَلْق الإِنسان يمر بمراحل، وإن حياته تتطور من مرحلة إلى أخرى، بحسب نموه الجسمي مع مرور الزمن، وتقدم السن، ويقترن النمو الجسمي - غالباً - بالنمو العقلي، وبناء على هذه الحالات الجسمية وأطوار الحياة، فإن الفقهاء وضعوا أربع مراحل للإِنسان، وبينوا في كل مرحلة مقدار الأهلية ونوعيتها التي تتناسب مع تطور الجسم والعقل، وفصلوا صلاحية الشخص في كل مرحلة لممارسة الحقوق وصدور الأقوال والأفعال عنه.
أولاً - أهلية الجنين:
يتمتع الجنين بأهلية وجوب ناقصة، فتثبت له بعض الحقوق، ولا تجب عليه الواجبات أو الالتزامات مطلقاً.
والعلة في ثبوت الأهلية له أنه يتمتع بالصفة الإِنسانية، وثبتت له الحياة الخاصة، ويعتبر إنساناً منذ تكوينه ونشوئه في رحم أمه، وأنه على وشك الظهور والوجود، فثبتت له أهلية الوجوب التي مناطها الصفة الإِنسانية.
والسبب في نقصان أهلية الوجوب له أنه يحتمل الوجود والعدم، فقد يكون حملاً وقد يكون انتفاخاً، ويحتمل ثبوت الحياة له وبقاء الحياة إلى الولادة، ويحتمل فقدان الحياة ليولد ميتاً، لهذه الاحتمالات لم تثبت له أهلية الوجوب الكاملة، ولم يتوسع الفقهاء في منحه الحقوق إلا بمقدار الضرورة والحاجة، والضرورة تقدر بقدرها ولا يتوسع فيها، كما أن الجنين في بطن أمه يُعتبر جزءاً منها فيتحرك بحركتها، وينتقل معها، ولا يعتبر مستقلاً عنها، ولكنه - مع ذلك - على استعداد للانفصال والاستقلال عنها، ولذلك تثبت له بعض الحقوق دون الواجبات؛ لأن الحق يثبت مع الشبهة والاحتمال، أما الواجبات والالتزامات فيجب أن يعرف الملتزم بها؛ لأن التكليف بالواجب والالتزام لا يتعلق بالوهم والخيال، ولا يناط بأمر محتمل، ولا تعتريه الشبهات، لذلك تثبت له بعض الحقوق الضرورية التي تناسبه في هذه المرحلة، ولا يتوسع الشارع في منحه المزيد من الحقوق أو تكليفه ببعض الواجبات؛ لأن الواجب لا بد أن يعرف الملتزم به بدقة، وأن يكون محدداً بذاته، وأن يكون موجوداً حقيقة، والجنين لا تتوفر فيه هذه الصفات، ولذلك تقتصر صلاحيته على أهلية الوجوب الناقصة.
137