323

Al-Mughni, Sharh Mukhtasar Al-Khiraqi

المغني شرح مختصر الخرقي

Tifaftire

عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو

Daabacaha

دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

Daabacaad

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

1417 AH

Goobta Daabacaadda

الرياض

فاغْتَسِلْ (١٣) ". والفَضْخُ: خُرُوجُه علَى وَجْهِ الشِّدَّةِ. وقال إبْراهيمُ الْحَرْبِىُّ (١٤): خُروجُه بالعَجَلَةِ. وقَولُه: "إذَا رَأَتِ الماءَ". يعني الاحْتِلامَ، وإنما يَخْرُجُ في الاحْتِلَامِ بالشَّهْوةِ، والحديثُ الآخَرُ مَنْسُوخٌ، علَى أَنَّ هذا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ كَوْنَهُ مَنِيًّا؛ لأنَّ النَّبِىَّ ﷺ وصَفَ المَنِىَّ بِصفَةٍ غيرِ مَوْجودةٍ في هذا.
فصل: فإنْ أحَسَّ بانْتقالِ المَنِىِّ عندَ الشَّهْوَةِ فأَمْسَك ذَكَرَه، فلم يَخْرُجْ، فلا غُسْلَ عليه في ظاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِىِّ، وإحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أحمدَ، وقَوْلِ أَكْثَرِ الفُقَهاءِ. والمشهورُ عن أحمدَ وُجُوبُ الغُسْلِ، وأنكَرَ أنْ يَكُونَ الماءُ يَرْجِعُ، وأحَبَّ أن يَغْتَسِلَ. ولم يذْكُرِ القاضِى في وُجُوبِ الغُسْلِ خِلَافًا، قال: لأَنَّ الجَنابةَ تُبَاعِدُ الماءَ عن مَحَلِّه، وقد وُجِدَ، فتَكُونُ الجَنَابةُ مَوْجُودَةً، فيَجِبُ الغُسْلُ بها، ولأنَّ الغُسْلَ تُرَاعَى فيه الشَّهْوةُ، وقد حَصَلَتْ بانْتِقَالِه، فأشْبَهَ ما لو ظَهَرَ. ولنا، أنَّ النَّبِىَّ ﷺ عَلَّقَ الاغْتِسالَ علَى الرُّؤْيةِ وفَضْخِه، بقوله: "إذَا رَأَتِ الماءَ"، و"إذا فَضَخْتَ الماءَ فاغْتَسِلْ". فلا يَثْبُت الحُكْمُ بدونِه، وما ذَكَرَه مِن الاشْتِقَاقِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّه يجوزُ أنْ يُسَمَّى جُنُبًا لِمُجَانَبَتِهِ الماءَ، ولا يَحْصُلُ إلَّا بخُرُوجِه منه، أو لِمُجانَبَتِه الصَّلاةَ أو المَسْجِدَ أو غَيْرَهما؛ ممَّا مُنعَ منه، ولو سُمِّىَ بذلك مع الخُرُوجِ، لم يلزمْه وُجُودُ التَّسْمِيةِ من غيرِ خُرُوجٍ، فإنَّ الاشْتِقَاقَ لا يَلْزَمُ منه الاطِّرادُ، ومُرَاعاةُ الشَّهوةِ للحُكْمِ لا يلْزَمُ (١٥) منه اسْتِقْلَالُها به، فإنَّ أحَدَ وَصْفَىِ العِلَّةِ وشَرْطَ الحُكْمِ مُرَاعًى له، ولا يَسْتَقِلُّ بالحُكْمِ، ثم يَبْطُلُ بلَمْسِ النِّسَاءِ، وبما إذا وُجِدتَ الشَّهْوَةُ ههنا مِنْ غيرِ انْتِقَالٍ؛ فإنَّ الشَّهْوةَ لا تَسْتَقِلُّ بالحُكْمِ في المَوْضِعَيْن مع مُرَاعَاتِها فِيهِ، وكلامُ أَحْمَد ههنا إنما يَدُلُّ علَى أنَّ الماءَ إذَا انْتَقَلَ، لَزِمَ منه الخُروجُ، وإنَّما يتأَخَّرُ، ولِذَلِكَ يتأخَّرُ الغُسْلُ إلَى حِين خُرُوجِه، فعلى هذا إذا خَرَجَ المَنِىُّ بعد

(١٣) أخرجه النسائي، في: باب الغسل من المنى، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٩٣. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ١٢٥.
(١٤) أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربى الحنبلى الحافظ، تفقه على الإمام أحمد، وبرع، وصنف التصانيف الكثيرة. توفى سنة خمس وثمانين ومائتين. العبر ٢/ ٧٤، طبقات الحنابلة ١/ ٨٦ - ٩٣.
(١٥) في م: "يلزمه".

1 / 267