Al-Misbah Lima A'tama Min Shawahid Al-Iydah
المصباح لما أعتم من شواهد الإيضاح
Baare
محمد بن حمود الدعجاني
Daabacaha
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Goobta Daabacaadda
السعودية
Noocyada
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدّمة معالي مدير الجامعة الإسلاميَّة
الحمد للَّه الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم، والصَّلاة والسَّلام على رسول الهدى الذي أمر بالعلم قبل العمل، فبه ارتفع وتقدّم، وعلى آله وأصحابه ومَنْ بأثره اقتفى والتزم. وبعد:
فإنَّ الاشتغال بطلب العلم والتفقّه في الدّين من أجلّ المقاصد وأعظم الغايات وأولى المهمّات؛ لذلك ندب إليه الشَّارع الحكيم في كثير من نصوص كتابه، وأمَرَ نبيّه ﷺ بالزيادة منه؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].
وقال جلَّ وعلا: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ١١٤].
وقد رتّب النبي ﷺ الخير كلَّه على التفقّه في الدّين فقال ﷺ: "من يرد اللَّه به خيرًا يفقّه في الدين" متّفق عليه. وقال ﷺ: "النَّاس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" متّفق عليه. وهذا مما يدلّ على أهميته وعظم شأنه.
لذلك كان الاهتمام بالعلم الشّرعيّ المستمّد من الكتاب والسنّة وفهمِ السَّلف الصَّالح هو الهدف الأسمى لمؤسس هذه الدّولة المباركة الملك عبد العزيز -يرحمه اللَّه- وكذلك أبناؤه من بعده الذين كانت لهم اليد الطولى وقَدَمُ السبقِ في الاهتمام بالعلم وأهله؛ فأولوه عنايةً فائقةً، وخصّوه بجهود مباركة، ظهرت آثارها على البلاد والعباد.
1 / 5
وكان لخادم الحرمين الشَّريفين الملك عبد اللَّه بن عبد العزيز -حفظه اللَّه- جهودٌ واضحةٌ استوتْ على سوقها ووفّقتْ لمقصودها، ومن ذلك أمره بزيادة عدد الجامعات، وفتح جميع الوسائل ذات العلاقة بالتطوير والتنقيح والتأليف والنَّشر كعمادات ومراكز البحث العلميّ في شتّى الجامعات وعلى رأسها الجامعة الإسلاميَّة -العالمية العلمية- التي أولت البحث العلميّ اهتمامًا بالغًا وجعلته غاية من غاياتها وهدفًا من أهدافها.
ومن هنا فعمادة البحث العلميّ بالجامعة تهتم بالبحوث العلميَّة نشرًا وجمعًا وترجمة وتحكيمًا في داخل الجامعة وخارجها؛ من أجل النُّهوض بالبحث العلميّ، والتشجيع على التَّأليف والنّشر، ومن ذلك كتاب:
[لمصباح لما أعتم من شواهد الإيضاح - لابن يسعون]
تحقيق: د/ محمَّد بن حمود الدَّعجاني.
أسأل اللَّه أنْ يوفّقنا جميعًا لما يحبّ ويرضى ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلّى اللَّه وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربِّ العالمين.
معالي مدير الجامعة الإسلاميَّة
أ. د/ محمد بن علي العقلا
1 / 6
مقدِّمة المحقِّق
إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنْ لا إله إلَّا اللَّه، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدِّين كلِّه، ولو كره المشركون، صلّى اللَّه وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهديه إلى يوم الدِّين.
"اللَّهُمَّ إنا نحمدك على ما مننت به من نعمة الايمان، ونشكرك على ما أوليتنا من النّعم بتلاوة القرآن، والنظر من أجله في علم البيان، حتّى اقتطفنا يانع ثماره، وروينا من عذب أنهاره، بتعليل يرق، ومعنى جليل يدق، وتصريف يعتاص ويشقّ؛ إذ كان باعث النشاط، وداعية الاستنباط، به تستنبط الأحكام، ومنه يقتنص الحلال والحرام، ولولاه ما عُلم المحكم والمجمل، ولا اتضح الظاهر والمؤوّل، ولا عرفت دلالة اللّفظ بفحواه ومفهومه ومعقوله؛ إذْ ذلك ثان عن معرفة اللّفظ ومدلوله، وإذ كانت المعاني في النفس خفيّة، والألفاظ الدّالة عليها هى البيّنة الجليّة، وكيف يعرف مردود المعنى ومقبوله، من لا يعرف موضوع اللّفظ ومدلوله، هذا بيِّن لا إشكال فيه، وواضح بأول النظر فيه، فكيف مَنْ ينقِّح النظر ويستوفيه؛ فيجب على الطالب الموفق أن ينظر في علم اللسان أوَّلًا، ويتخذ قراءته عملًا يتقرّب به إلى مولاه، ليحمد في الآخرة مستقره ومثواه، وبعد ذلك ينظر في العلوم
1 / 7
الشَّرعيّة، ويحمل المآخذ الدّينية، وعند هذا يكون نظره جاريًا على طريق السَّداد، ويعدّ من أهل النظر والاجتهاد، فإنْ حاد عن هذه الحالة، فهو مقلِّد لا محالة، على هذا درج الأئمَّة، وبهذا أوصى علماء الأُمّة،. . . وإذا بان الحقّ وأضاء، فليقل الآخر ما شاء، أجرى اللَّه كلامنا على وجهه، وجعله خالصًا لوجهه، وكتبنا فيمن عرف الحقّ واتبع سنَنَه، واستمع القول فاتبع أحسنه، بمنِّه وامتنانه، وفضله وإحسانه، وصلَّى اللَّه على صفوة أنبيائه، ونخبة أصفيائه، محمّد سيِّد البشر، الشفيع في المحشر، الذي ختمتَ به النبيّين، وأعليتَ درجته في عليِّين، فقلتَ وأنت اصدق القائلين: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (^١).
ورضي اللَّه عن أصحابه الذين اجتهدوا في تشييد الإيمان، وأطفأوا نار البهتان، وأذلوا عبدة الأوثان، الذين استضاءت لهم مدارك العلوم. . . جعلنا اللَّه ممن اقتدى بآثارهم، واهتدى بأنوارهم، وتخلق بآدابهم، وعرف منازع كلامهم، وحشرنا في زمرتهم ولا عدل بنا سنّتهم، وأحظانا بمحبّتهم. . . " (^٢).
أما بعد، فهذا كتاب "المصباح لما اعتم من شواهد الإيضاح" لابن يسعون، عرفتُه وخبرته عندما كنتُ أُحقِّق كتاب "إيضاح شواهد الإيضاح" للقيسي الذي تقدمت به موضوعًا لرسالة الدّكتوراه بجامعة أم القرى عام ١٤٠٣ هـ.
_________
(^١) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.
(^٢) مقدّمة البسيط ١/ ١٥٥ - ١٥٦.
1 / 8
أقول: عرفتُ الكتابَ وأكبرتُ مؤلفَه؛ لما وجدته فيه من علم غزير يشهد بتمكّن صاحبه من علوم اللّغة والنحو والصرف والأدب، وعزمت على تحقيقه؛ فطفقت ألتمس أخبار الرَّجُل، وأجمع آراءه النَّحوية؛ حتّى تكوّنت لدي مادة علميَّة ليست بالقليلة، تسعف في إعداد دراسة موسعة عن ابن يسعون، لكني فوجئت بنشر كتاب عن المصنِّف من إعداد الدّكتور عبد اللَّه الحسيني هلال، الأستاذ المساعد بكلية اللّغة العربية - جامعة الأزهر بالقاهرة عنوانه (ابن يسعون النَّحوي: حياته وآراؤه) مع دراسة كتابه "المصباح في شرح أبيات الإيضاح". وقد تلطف بإرساله إليّ زميلى المفْضال الأستاذ الدّكتور عيَّاد بن عيد الثبيتي جزاه اللَّه عني خيرًا، وكم له من أيادٍ عليَّ لا تنكر!
وَمَن لك بالحُر الذي يحفظ اليدَا
فلما وقع الكتاب تحت يديَّ قرأته واستفدت منه، ورأيت صاحبه أفاد وأجاد في جوانب من دراسته، وقصر في جوانب أخرى، وسأستدرك ما فاته، وأصرف النظر عن الحديث في الجوانب التي أجاد فيها، ومنها آراء ابن يسعون النَّحوية، وسأعطي القارئ الكريم نبذةً مختصرة عن محتويات هذا الكتاب:
المقدِّمة: من ٣ - ٤ تحدّث فيها عن ابن يسعون وعن كتابه.
الباب الأوَّل: ابن يسعون وعصره ٥ - ٦٣.
الفصل الأوَّل: عصر ابن يسعون ٧ - ١٤.
أوَّلًا: الحياة السياسية: ٧.
ثانيًا: الحياة الثقافية: ١٠.
1 / 9
الفصل الثَّاني: حياة ابن يسعون ١٥ - ٢٨ وتحدّت فيه عن اسم ابن يسعون ونسبه وشهرته وكنيته ومولده ووفاته، نشأته وحياته، موطنه، أخلاقه، ثقافته ومكانته العلمية، أدبه وأسلوبه، شيوخه، وتلاميذه، مؤلفاته.
الفصل الثَّالث: أثر ابن يسعون فيمن بعده ٢٩ - ٦٣ وفي هذا الفصل تحدث عن أثره في ابن بري المتوفى سنة ٥٨٢ كل، وأبى حيَّان المتوفى ٧٤٥ هـ وابن هشام المتوفى سنة ٧٦١ هـ والعيني المتوفى سنة ٨٥٥ هـ والسيوطى المتوفى سنة ٩١١ هـ، والبغدادي المتوفى سنة ١٠٩٣ هـ.
الباب الثَّاني: آرؤه النَّحوية ٦٥ - ٢٠٩.
تمهيد: ٦٧.
الفصل الأوَّل: آراؤه المعلّقة بالمفردات والأبنية ٦٩ - ١٢٤.
وتحدّث فيه عن: تي الإشارية، عسى، إلَّا، ربَّ، إذا، منع صرف ما ينصرف لضرورة الشعر، أبي حباحب، مهما، كائن، مجئ التصغير للتعظيم.
الفصل الثَّاني: آراؤه المتعلِّقة بالتراكيب ١٢٥ - ١٧٧.
وقد قصره على الحديث على المباحث التالية:
خطاب الواحد بخطاب الاثنين، الاسم المرفوع بعد لولا، عدا، لا أبالك، امتناع إضافة الموصوف إلى الصفة، تأنيث وقع، تقدير محذوفات ثلاثة في قول النابغة: كأنَّ مجر. . .، جواز مجيء الحال من المنادى، قام ليست بزائدة في قول حسان: على ما قام. . .، المتن في قول ساعدة: لدن بهز. . .
1 / 10
الفصل الثالث: إعراباته: ١٧٩ - ٢٠٩.
وقد تحدّث فيه عن؛ يكون تامة في قول هدبة: عسى الكرب. . . ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾، الجار والمجرور متعلق بكان الناقصة. "أبقل" صفة مزنة في قول عامر: فلا مزنة. . .
توجيه نصب "الليان" في قول الراجز: قد كنت داينت. . .
من متعلقة بأخذوا في قول الراعي: أخذوا المخاض. . .
الباء في "بهز" متعلقة بيعسل. . .
ما نكرة موصوفة في وقوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ الواو واو ربَّ، والكاف الثانية في قول خطام المجاشعي:
وصاليت ككما يؤثفين
"إعراب خمسة الأشبار" في قول الفرزدق: "ما زال مذ عقدت. . . "، "أخفية الكرى" منتصبة على التشبيه في قول الكميت: "لقد علم الأيقاظ. . . "، توجيه نصب: "زاد الكسل" في قول الراجز: "رُبَّ ابن عمّ. . . ".
الباب الثَّالث: دراسة كتاب "المصباح في شرح أبيات الإيضاح" ٢١١ - ٣٣٠.
مقدمات: ٢١٣ - ٢١٩.
أوَّلًا: نبذة عن الكتاب.
ثانيًا: اسمه.
ثانيًا: توثيق نسبته إلى ابن يسعون.
1 / 11
رابعًا: مصادره من كتب الشِّعر والأدب.
خامسًا: وصف نسخته المخطوطة، وقد اعتمد الحسيني على نسخة فيها نقص كبير.
الفصل الأوَّل: مصادره ٢٢ - ٢٣٣.
أوَّلًا: المصادر اللّغوية.
ثانيًا: المصادر النَّحويّة والصَّرفيَّة.
ثالثًا: مصادره من شروح الشواهد.
رابعًا: مصادره من كتب الشعر والأدب.
الفصل الثَّاني: منهج ابن يسعون في شرح الشَّواهد ٢٣٥ - ٢٥٦.
أَوَّلًا: ينسب البيت. . .
ثانيًا: يوضح استشهاد أبي عليّ بالبيت. . .
ثالثًا: يورد الروايات.
رابعًا: يشرح الألفاظ الغريبة.
خامسًا: نبه على ما حدث في بعض أبيات الإيضاح من تصحيف وتحريف.
سادسًا: حرص في بعض الأحيان على أن يقرن بالشَّاهد نظيره.
سابعًا: عني بالتنبيه على ما تكرر من الشَّواهد، والإشارة إلى انتهاء شواهد الأبواب في الإيضاح.
ثامنًا: أدار حول كثير من ألفاظ الشَّواهد وأساليبها ورواياتها عديدًا من البحوث النحويَّة والصرفيَّة الجيدة.
1 / 12
تاسعًا: اهتمّ بالمعنى، وربط بينه وبين الإعراب. . .
عاشرًا: نهج منهج الاختصار، ونأى غالبًا عن الاستطراد، ولم يتطرّق إلى غوامض الإعراب.
الفصل الثالث: السَّماع والقياس والتعليل في الكتاب ٢٥٧ - ٢٦٥.
أوَّلًا: السماع.
ثانيًا: القياس.
ثالثًا: التعليل.
الفصل الرَّابع: شواهده ٢٦٧ - ٢٨٧.
أوَّلًا: شواهده من القرآن الكريم وقراءاته.
- أهمية الشواهد القرآنية.
- عناية ابن يسعون واعتماده عليها.
- ملحوظات على استشهاده بالقرآن.
- موقف النَّحويّين من الاستشهاد بالقراءات القرآنية.
- استشهاد ابن يسعون بالقراءات القرآنية الصحيحة على اختلاف أنواعها، وعنايته بتخريجها.
ثانيًا: شواهده من الحديث: ٢٧٦.
- الخلاف في الاستشهاد بالحديث في الدِّراسات النَّحويَّة.
- ترجيح جواز الاستشهاد به، والاحتجاج لذلك وردّ ما احتجّ به المانعون.
1 / 13
- استشهاد ابن يسعون بالحديث في المباحث اللّغويَّة والنَّحويَّة، وعناية بتوجيهه إذا كان في ظاهره خروج عن القواعد.
ثالثًا: شواهده من الشِّعر: ٢٨٠.
- ما يحتجّ به من الشعر وما لا يحتجّ به.
- استشهاد ابن يسعون بمجموعة كبيرة من الشَّواهد الشِّعريَّة.
ملحوظات: على استشهاده بالشعر - أمثلة لشواهده الشِّعريَّة.
رابعًا: شواهده من أمثال العرب وأقوالهم: ٢٨٤.
- إجماع اللّغويّين والنَّحويِّين على الاستشهاد بأمثال العرب وأقوالهم.
- استشهاد ابن يسعون ببعضها وعنايته بتوجيهها.
الفصل الخامس: مباحثه: ٢٨٩ - ٣١٩.
أؤَلًا: المباحث النَّحويَّة - وعناية ابن يسعون بها.
وقد جعلها الباحث في أربعة عناصر، وهى: حرصه على إعراب كثير من الشواهد. عنايته بالتوجيه الإعرابي للروايات المختلفة. اهتمامه بإدارة البحوث النَّحويَّة في المسائل الخلافية ووقوفه منها موقف الناقد البصير.
بيان أهم مسائل الحلاف التي عرضها ابن يسعون في المصباح أو أشار إليها.
ثانيًا: المباحث الصرفيَّة: ٢٠٤.
عناية ابن يسعون بها، زخر المصباح بالحديث عن الأوزان والصيغ والجموع والاشتقاق وأصل الكلمات.
1 / 14
ثالثًا: المباحث اللّغويَّة: ٣٠٨.
براعة ابن يسعون في اللّغة، وتمكّنه من أسرارها ودقائقها، وبصره بإشاراتها ولطائفها، عنايته بالمباحث اللّغويَّة. وقد جعلها الدُّكتور عبد اللَّه في ستَّة عناصر:
- شرح معاني الألفاظ.
- إدارة البحوث اللّغوية حول بعض الكلمات. ذكر اللّغات المختلفة.
- إيضاح العلاقة بين المعنى الجديد والأصليّ للكلمات.
- وضعه الضوابط اللّغويّة، وتقريره بعض القواعد الكليَّة.
- المصطلحات اللّغويَّة كالاشتراك والتضاد وغيرهما.
رابعًا: المباحث الأخرى: ٣١٧.
بعض المباحث البلاغية.
بعض المباحث العروضيَّة.
بعض المباحث المتصلة بعلم الكلام.
الفصل السَّادس: تقويم الكتاب: ٣٢٠.
أوَّلًا: بعض المزايا.
ثانيًا: بعض المآخذ على الكتاب.
خاتمة: ٣٣١.
فهرس أهمّ المراجع: ٣٤١.
فهرس الموضوعات: ٣٥٧.
1 / 15
هذه لمحة موجزة عن دراسة الدّكتور عبد اللَّه هلال ذكرتها لكيلا أبخس الرّجل حقّه، ولكيلا يظنّ أنني أغرت على جهوده ونسبتها لنفسي شأن كثير من ضعاف النفوس في هذا الزّمان، وشيء آخر أيضًا ليظهر الفرق بين العملين، ويميز بين العسجد واللّجين!!
هذا وقد قدّمت لتحقيق الكتاب بدراسة جعلتها في فصلين:
الفصل الأوَّل: عن ابن يسعون، تحدثت فيه عن اسمه ونسبه وكنيته ومن شاركه فيها، وعن نشأته، وموطنه وشيوخه وتلاميذه، ومكانته العلميَّة وآثاره.
الفصل الثَّاني: دراسة الكتاب، تحدثت فيها عن اسمه وتوثيق نسبته، ومصادره، وشواهده، ومنهجه، وموازنته بشرحين من شروح شواهد الإيضاح، وتقويمه.
أمَّا النصّ المحقّق فمهدتُ له. بوصف نسخ الكتاب الخطيَّة ومنهجي في التَّحقيق.
﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾.
﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمَّد بن عبد اللَّه، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدّين.
محمَّد بن حمود الدَّعجاني
طيبة الطيبة - حى العزيزية - يوم الخميس ١٧/ ١١/ ١٤١٤ هـ
1 / 16
الفصل الأوَّل: ابن يسعون
1 / 17
الفصل الأوَّل: ابن يسعون
اسمه ونسبه:
هو يوسف بن أبي عبد الملك يبقى بن يوسف بن مسعود بن عبد الرحمن بن يسعون التجيبي التاجلي (^١) من أهل تاجلة، حصن بمقربة من برجانه -ويقال أيضًا: برشانة- من نظر المرية (^٢).
وجعله الدّكتور عبد اللَّه هلال "الباجلي"، ومصادره الأعلام، ومعجم المؤلفين، ثم قال وهو يتحدّث عن نسبه: ". . . وأورد ابن الآبار والضبي والسيوطي سلسلة نسبه خالية من اثنين من أجداده، هما: مسعود وعبد الرحمن، فجاءت هكذا: يوسف بن يبقى بن يوسف بن يسعون" (^٣).
وأقول: إنها العجلة، وعدم الدِّقة في إطلاق الأحكام، ولو عاد الدّكتور لكتاب التكملة لابن الأبار -٧٣٢ - لوجده يقول: "يوسف بن يبقى بن يوسف بن مسعود بن عبد الرحمن بن يسعون. . . "، ولرأى أنَّ ابن الأبار لم يسقط اثنين من أجداده كما زعم! ولَمْ يجعله الباجلي وهو التاجلي! والتُجيْبي (^٤): بضم فكسر فسكون هذه النسبة إلى تجيب،
_________
(^١) ينظر في ترجمته بغية الملتمس ٤٩٧، والتكملة ٧٣٢ - ٧٣٣، والمعجم في أصحاب أبي علي الصدفي ٣١٦ - ٣١٧، وصلة الصلة ٢٠٤ - ٢٠٥، وإشارة التعيين ٣٩٤، والبلغة ٢٣، وطبقات ابن قاضي شهبه ٥٤٩، وبغية الوعاة ٢/ ٣٦٣، وكشف الظنون ٢١٣، والأعلام ٩/ ٣٣٨، ومعجم المؤلفين ١٣/ ٣٤٢.
(^٢) صلة الصلة ٢٠٤.
(^٣) ابن يسعون النحوي ١٥.
(^٤) انظر: ابن حزم ٤٢٩، واللباب ١/ ٢٠٧، والتاج (تجب).
1 / 19
وهو اسم أم عدي وسعد ابني أشرس بن شبيب بن السكون، وهي تجيب بنت ثوبان بن سليم ابن رهاء من مذجح، نسبوا إليها.
وإلى محلة بمصر، ويجوز فتح التاء في النسبة إليها.
والتَّاجلي: نسبة إلى تاجلة، حصن بمقربة من برجانة من نظر المريَّة (^١). وجعله الدّكتور هلال (الباجلي)، وقال: "نسبه إلى باجلة، وهي قرية من قرى إشبيلية بالأندلس، قريبة من مدينة المريَّة" (^٢) وأحال على المعجم ٣١٦ لابن الأبار، وبالرّجوع إليه وجدته يقول بعد أن ساق نسب ابن يسعون: "من أهل المرية، والمسلم له في صناعة العربية، أصله من تاجلة وقيل: من برشانة، وهما من عمل المرية".
وابن الأبار ﵀ أجلّ من أن يقول ما قوّله الدّكتور هلال -سامحه اللَّه- الذى ينطبق عليه قول القائل:
يصيب ما يدري ويخطئ ما درى!
بدليل قول المقري ﵀: "واعلم أنَّ جزيرة الأندلس -أعادها اللَّه للإسلام- مشتملة على موسطة وشرق وغرب، فالموسطة فيها من القواعد الممصرة التي كلّ مدينة مملكة مستقلة لها أعمال ضخام، وأحكام متسعة: قرطبة. . . والمرية. . . وأمَّا غرب الأندلس ففيه: إشبيلية ومارده. . . " (^٣).
_________
(^١) صلة الصلة ٢٠٤ والمغرب ٢/ ٨٤.
(^٢) ابن يسعون النَّحوي ص ١٦.
(^٣) نفح الطيب ١/ ١٦٥ - ١٦٧.
1 / 20
والشنشي: قال الدّكتور هلال: "وإذا كان صاحبنا قد عُرف بابن يسعون وأبي الحجاج فقد عرف بالشنشي أيضًا (^١) "، ولم يزد على ذلك. وقال ابن الزبير ﵀: "وكان يعرف أيضًا بالشنشي، ولعلّ أصله من حصن شنش من الجهة المذكورة" (^٢).
وقال ابن سعيد وهو يتحدّث عن مملكة المرية: "كتاب نقش الحنش في حُلى حصن شَنَشَ" على مرحلة من المرية، وفيه شجر التوت كثير. . . (^٣).
كنية المصنف:
ليوسف بن يبقى كنيتان عرف بهما لدى المصنفين. الأولى: أبو الحجاج، والثَّانية: ابن يسعون.
وقد شاركه في الأولى كثير من العلماء منهم:
١ - أبو الحجاج يوسف بن سليمان المعروف بالأعلم، المتوفى سنة ٤٧٦ هـ (^٤).
٢ - أبو الحجاج يوسف بن عبد العزيز بن علي اللّخمي، المتوفى سنة ٥٢٣ هـ (^٥).
٣ - أبو الحجاج يوسف بن علي القضاعي المعروف بالقفال والحداد، المتوفى سنة ٥٤٢ هـ.
_________
(^١) ابن يسعون النحوي ص ١٦.
(^٢) انظر: صلة الصلة ٢٠٤، والتكملة ٧٣٣.
(^٣) انظر: المغرب ٢/ ٢٢٥، وينظر: نفح الطيب ١/ ١٦٤.
(^٤) ترجمته في أبناء الرواة ٤/ ٥٩ وأشار التعيين ٩٣٩٣.
(^٥) ينظر عن هذه الكنى والأسماء: التكملة من ٧٣١ - ٧٤٠، وصلة الصلة ٢٠٣ - ٢٢٣.
1 / 21
٤ - يوسف بن فتوح بن محمد المعروف بالعشاب، المتوفى سنة ٥٦٢ هـ.
٥ - أبو الحجاج يوسف بن بكر الصريحي، المتوفى قبل سنة ٥٤٠ هـ.
٦ - يوسف بن محمّد بن سماجة الداني أبو الحجاج، المتوفى بعد سنة ٥٤٢ هـ.
٧ - يوسف بن إسماعيل المخزومي القرطبي المعروف بالمرادي أبي الحجاج، المتوفى سنة ٥٧٥ هـ.
٨ - أبو الحجاج يوسف ين موسى الأزدي الكفيف.
٩ - يوسف بن إبراهيم بن عثمان العبدري أبو الحجاج الغرناطي المعروف الثغري أبي الحجاج، المتوفى سنة ٥٧٩ هـ.
١٠ - أبو الحجاج يوسف بن عبد اللَّه الفهري الداني، المتوفى سنة ٥٩٢ هـ.
١١ - يوسف بن عبد الرحمن بن غصن أبو الحجاج، المتوفى سنة ٥٩٨ هـ.
١٢ - أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن يوسف بن عبد الرحمن، المتوفى قبل الستمائة هـ.
١٣ - أبو الحجاج يوسف بن علي بن يوسف الأنصاري، المتوفى سنة ٦٠٥ هـ.
١٤ - يوسف بن محمّد بن عبد اللَّه البلوي المعروف بابن الشيخ، المتوفى سنة ٦٠٤ هـ.
١٥ - يوسف بن أحمد بن علي أبو الحجاج، المتوفى سنة ٦١٩ هـ.
١٦ - يوسف بن إبراهيم بن عبد العزيز القيسي أبو الحجاج المعروف بابن معزوز، المتوفى بعد سنة ٦٢٠ هـ.
١٧ - يوسف بن أحمد بن طاووس أبو الحجاج المتوفى سنة ٦٢٠ هـ.
1 / 22
١٨ - يوسف بن يحيى بن عبد اللَّه اللَّخمي، المتوفى سنة ٦٣١ هـ.
١٩ - يوسف بن محمّد بن علي أبو الحجاج، المتوفى سنة ٦٣٥ هـ.
٢٠ - يوسف بن عبد الرحمن بن محمّد أبو الحجاج المعروف بابن المرينة، المتوفى سنة ٦٣٦ هـ.
٢١ - أبو الحجاج يوسف بن عيسى بن على الملقب بالملجوم، المتوفى سنة ٥١٣ هـ.
٢٢ - يوسف بن عبد الصمد بن يوسف المعروف بابن نمز، المتوفى سنة ٦١٤ هـ.
هؤلاء وغيرهم من العلماء ممن شارك ابن يسعون في اسمه وكنيته ولم يذكر منهم الدّكتور هلال إلَّا الأعلم وابن مَعْزوز (^١).
أمَّا كنيته الثانية فقد كانت أشهر وأدلّ عليه من الأولى.
حياته:
لا تذكر كتب التراجم الى اطلعت عليها من حياة ابن يسعون وأخباره إلَّا نزرًا يسرًا، لا يرسم معالم واضحة لهذه الحياة، ولا يكشف عن مراحل تطوره الفكري؛ إذ لا نعرف عن مولده ونشأته وأسرته شيئًا.
والراجح أنَّه ولد في تاجلة، حصن بمقربة من برشانة من نظرية المرية، وأن أصله من حصن شنش الذي سبق التعريف به وكرر الدّكتور هلال الخطأ الذي سبق التنبيه عليه وقال: "واعتمادي في ذلك على قول
_________
(^١) انظر: ابن يسعون النحوي ص ١٦.
1 / 23
ابن الأبار، وهو أقدم من ترجم لابن يسعون أصله من باجلة، وقيل: من برشانة وهما من عمل المرية" (^١).
وأقول: "باجلة" الدّكتور التي كرّرها في بحثه في أكثر من موضع هي "تاجلة" بالتَّاء المثناة بدليل ما ذكر ابن الأبار في "المعجم" (^٢) الذي جعله الدّكتور هلال من مصادره وأحال عليه، وما أشار إليه ابن الزبير في "صلة الصلة" (^٣) ولو عاد إلى المغرب لوجد ابن سعيد يقول فيه ٢/ ٨٤ "الكتاب العاشر من الكتب التي يشتمل عليها: كتاب مملكة جيان وهو: كتاب الفوائد المفصلة في حُلى تاجلة" من عمل بسطة على وادي المنصورة" وأمَّا برشانه أو برجانة فهي حصن على مجتمع نهرين وهو من أمنع الحصون مكانًا، وأوثقها بيانًا، وأكثرها عمرانًا.
وفي المغرب ٢/ ٨١ "كتاب الخَيْزرانة، في حُلى حصن بُرْشَانَه" من حصون بسطة على نهر المنصورة المشهور بالحسن، لما عليه من الضياع والحصون والجنان".
وأمَّا "المرية" التي استوطنها ابن يسعودت فإنها "مدينة محدثة أمر ببنائها أمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه عبد الرحمن بن محمَّد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وكان النَّاس ينتجعونها ويرابطون بها، وهي اليوم أشهر مراسي
_________
(^١) ابن يسعون النحوي ص ١٧.
(^٢) المعجم ٣١٦.
(^٣) صلة الصلة ٢٠٤.
1 / 24
الأندلس وأعمرها، ومن أجل أمصارها وأشهرها، وعليها سور منيع بناه أمير المؤمنين عبد الرَّحمن. . . وكانت أيام الملثمين مدينة الإسلام، وبها من كلّ الصناعات كلّ غريبة. . . " (^١).
وقال عنها ابن سعيد: "مملكة المرية وهو كتاب النفحة العطرية، في حُلى حضرة المرية" من كتاب الرازي: سورها على ضفة البحر، وبها دار الصناعة، وهي باب الشرق، ومفتاح الرّزق.
ومن المسهب: وأمَّا المرية فلها على غيرها من نظرائها أظهرُ مريَّة؛ بنهرها الفضي، وبحرها الزبرجدي، وساحلها التبري، وحصاها المجزع، ومنظرها المرصع، وأسوارها العالية الراسخة، وقلعتها المنيعة الرفيعة الشَّامخة، وبنى فيها خيران العامري قلعته العظيمة المنسوبة إليه، ومما تفضل به اعتدال الهواء، وحسن خراج أهلها وطيب أخلاقهم ولطف أذهانهم.
قال ابن فرج: "حَدَثَ فيها من صنعة الوشي والديباج على اختلاف أنواعه، ومن صنعة الخز وجميع ما يعمل من الحرير، ما لم يبصر مثله في المشرق ولا في بلاد النصارى. وأعظم مبانيها الصُّمادحية التي بناها المعتصم بن صمادح، ومن متفرجاتها مُنى عبدوس، ومُنى غسان، والنجاد، وبركة الصفر، وعين النطية، ونهرها من أحسن الأنهار. . . " (^٢).
_________
(^١) الروض المعطار ٥٣٧ - ٥٣٨.
(^٢) المغرب ٢/ ١٩٢ - ١٩٤.
1 / 25