من الناس عفان، فسأله يحيى من الغد بعدما امتحن، وأبو عبد الله حاضر ونحن معه، فقال: أخبرنا بما قال لك إسحاق؟ قال: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك، إني لم أجب. فقال له: فكيف كان؟ قال: دعاني وقرأ علي الكتاب الذي كتب به المأمون من الجزيرة (١)، فإذا فيه: امتحن عفان وادعه إلى أن يقول: القرآن كذا وكذا، فإن قال ذلك فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه الذي يجرى عليه - وكان المأمون يجري على عفان كل شهر خمس مئة درهم - فلما قرأ علي الكتاب قال لي إسحاق: ما تقول؟ فقرأت عليه: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] حتى ختمتها، فقلت: أمخلوق هذا؟ فقال: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك إليه يقطع عنك ما يجري عليك. فقلت: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢]، فسكت عني وانصرفت، فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى ومن حضر من أصحابنا» (٢).