190

Mawaqif

المواقف في علم الكلام

Tifaftire

عبد الرحمن عميرة

Daabacaha

دار الجيل

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1417 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

الاحتمال الرابع المعدوم ثابت والحال حق أيضا وهو قول بعض المعتزلة من مثبتي الأحوال فيقول الكائن في الأعيان إما أن يكون له كون بالاستقلال وهو الموجود أو يكون له كون بالتبعية وهو الحال فيكون الحال الذي هو قسم من الكائن في الأعيان أيضا قسما من الثابت كما أن الموجود والمعدوم الممكن قسمان منه وغيره أي غير الكائن في الأعيان هو المعدوم فإن كان له تحقق وتقرر في نفسه فثابت وإلا فمنفي فالأقسام أربعة فظهر أن الثابت الذي يقابل المنفي يتناول الموجود والمعدوم والممكن فقط وعلى الثاني يتناول الموجود والحال فقط وأما المعدوم ففي المذهبين الآخرين يتناول شيئين المنفي أي الممتنع والمعدوم الممكن وفي المذهب الثاني يرادف النفي كما في المذهب الأول الذي يرادف فيه الثابت والموجود أيضا وأما الحكماء فقالوا في تقسيم المعلومات ما يمكن أن يعلم ولو باعتبار إما لا تحقق له بوجه من الوجوه وهو المعدوم وإما له تحقق ما هو الموجود ولا بد من انحيازه بحقيقة أي لا بد من أن ينفرد الموجود وينحاز ويمتاز عن غيره بحقيقة يكون بها هو هو فإن انحاز مع ذلك عن غيره بهوية شخصية يمتنع بها فرض اشتراكه بين كثيرين فهو الموجود الخارجي وإلا فهو الموجود الذهني فإن الذهن لا يدرك إلا أمرا كليا فالموجود فيه لا ينحاز عن غيره إلا بحسب الماهية الكلية بخلاف الموجود الخارجي فإنه ينحاز عن غيره بماهية كلية وتشخص ورد ذلك بأن الواجب تعالى موجود خارجي وليس له تشخص يغاير حقيقته حتى ينحاز بهما معا عن غيره وبأن الجزئيات المدركة بالحواس المرتسمة في القوى الباطنة منحازة عن غيرها بالحقيقة والهوية معا وليست موجودات خارجية بل ذهنية وقد يجاب بأن الواجب سبحانه شيء واحد في حد ذاته إلا أن ذلك الشيء يسمى حقيقة من حيث أن الواجب به هو هو ويسمى تشخصا من حيث أنه المميز له على وجه لا يمكن فرض الشركة معه فقد انحاز الواجب بحقيقة وهوية شخصية متغايرتين اعتبارا وذلك كاف لنا فيما نحن بصدده وبأن المدرك بالحواس لا ينحاز في تحققه الذهني بماهية وهوية تنضم إليها في هذا التحقق بل المنحاز في الخارج بماهية وهوية ج شخصية انحاز في الذهن لا على وجه ينضم فيه تشخص إلى ماهيته والفرق ظاهر بالتأمل الصادق فيصدق عليه أنه منحاز عن غيره بحقيقته فإن الحقيقة تطلق على ما يتناول الجزئيات أيضا وكل ذلك تعسف والأظهر أن يقال الموجود إما أن يكون وجوده أصلا يترتب عليه آثاره ويظهر منه فهو الموجود الخارجي والعيني أو لا وهو الموجود الذهني والظلي والموجود في الخارج إما أن لا يقبل العدم لذاته وهو الواجب لذاته أو يقبله وهو الممكن لذاته فتقييد الواجب بقوله لذاته احتراز عن الواجب بغيره وتقييد الممكن بذلك ليس احترازا عن شيء إذ لا ممكن بالغير بل هو رعاية للموافقة وإظهار لكون الإمكان مقتضى الذات كالوجوب وهو أي الممكن لذاته إما أن يوجد في موضوع أي في محل يقوم ذلك المحل ما حل فيه وهو العرض أو لا يوجد في موضوع وهو الجوهر سواء لم يوجد في محل أو وجد في محل لا يكون موضوعا فقولنا يقوم ما حل فيه احتراز عن الصورة لوجودها في محل وهو المادة لكنه أي ذلك المحل الذي هو المادة غير مقوم لما حل فيه وهو الصورة فإن المادة هي المتقومة بالصورة عندهم كما ستعرفه فالصورة جوهر مع كونها حالة في محل فالمحل أعم من المادة لصدق المحل على الموضوع أيضا والحال أعم من الصورة لصدق الحال على العرض أيضا والموضوع والمادة متباينان مندرجان تحت المحل اندارج الأخص تحت الأعم وكذا العرض والصورة متباينان مندرجان تحت الحال كذلك

وقال المتكلمون الموجود أي في الخارج إذ لا يثبتون الموجود الذهني إما أن لا يكون له أول أي لا يقف وجوده عند حد يكون قبله أي قبل ذلك الحد العدم وهو القديم أو يكون له أول أي يقف وجوده عند حد يكون قبله العدم وهو الحادث والحادث إما متحيز بالذات أو حال في المتحيز بالذات أو لا متحيز ولا حال فيه فالمتحيز بالذات هو الجوهر ونعني به أي المتحيز بالذات المشار إليه أي الذي يشار إليه بالذات إشارة حسية بأنه هنا أو هناك اعتبر قيد بالذات احترازا عن العرض فإنه قابل للإشارة على سبيل التبعية وقيد الإشارة بكونها حسية لأن المجردات على تقدير وجودها قابلة للإشارة العقلية والحال في المتحيز هو العرض ونعني بالحلول فيه أي في المتحيز أن يختص به بحيث تكون الإشارة الحسية إليهما واحدة كاللون مع المتلون فإن الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر دون الماء مع الكوز فإن الإشارة إليهما ليست واحدة فإن الماء ليس حالا في الكوز اصطلاحا وإن كان حالا فيه لغة وما ذكره تفسيرا للحلول في المتحيز كما صرح به فلا يتجه عليه أنه لا يتناول حلول صفات الواجب تعالى في ذاته فالأولى أن يفسر بالاختصاص الناعت وما ليس متحيزا ولا حالا فيه أعني الذي جعلناه قسما ثالثا من أقسام الممكن الحادث وهو المسمى بالمجرد لم يثبت وجوده عندنا إذ لم نجد عليه دليلا فجاز أن يكون موجودا وأن لا يكون موجودا سواء كان ممكنا أو ممتنعا فمنهم من قنع بهذا القدر وهو أنه لم يثبت وجوده ومنهم من جزم بامتناعه لوجهين

Bogga 218