123

Mawaqif

المواقف في علم الكلام

Baare

عبد الرحمن عميرة

Daabacaha

دار الجيل

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1417 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

الوجه الثاني لو لم يكن العقل في معرفته تعالى لاحتاج المعلم فيها إلى معلم آخر ويتسلسل وأجيب عنه بأنه قد يكفي عقله لكونه مؤيدا من عند الله بخاصية تقتضي كمال عقله واستقلاله في معرفته دون عقل غيره أو ينتهي إلى الوحي أي أن سلم احتياجه إلى معلم آخر لم يلزم التسلسل لجواز الانتهاء إلى النبي الذي يعلم الأشياء بالوحي والمعتمد في الرد عليهم دعوى الضرورة فإن من علم المقدمات الصحيحة القطعية المناسبة لمعرفة الله تعالى على صورة مستلزمة للنتيجة استلزاما ضروريا كما في الأقيسة الكاملة حصل له المعرفة قطعا كقولنا العالم ممكن وكل ممكن له مؤثر فالعالم له مؤثر وما يقال من أن العلم بتلك المقدمات على تلك الصورة مما لا يحصل إلا بمعلم مكابرة صريحة نعم إذا كان هناك معلم كان الأمر أسهل وهذا المعتمد إنما يصير حجة على من قال النظر لا يفيد العلم بلا معلم في معرفة الله تعالى وأما من قال إنه يفيده فإن مقدمات إثبات الصانع وصفاته تستلزم العلم بنتائجها لكن العلم الحاصل بالنظر وحده لا يفيد النجاة في الآخرة ولا يكمل به الإيمان في الدنيا كالمأخوذ من غير النبي فإنه لا يتم به الإيمان ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله مع أن كثيرا منهم كانوا يقولون بالتوحيد لكنهم لما لم يأخذوا ذلك منه ما كان يقبل قولهم لم يرد عليه ذلك المعتمد الذي ذكرناه وطريق الرد عليه إجماع من قبلهم من هذه الأمة على حصول النجاة بالمعرفة الحاصلة بلا معلم والآيات الآمرة بالنظر في معرفة الله سبحانه متكررة متكثرة في معرض الهداية إلى سبيل النجاة من غير ايجاب التعلم فدلت دلالة ظاهرة على أن التعلم غير محتاج إليه في النجاة فهذه الآيات طريق آخر للرد عليهم لهم أي للملاحدة وجهان

الأول أنه كثر الخلاف بين العقلاء في المعرفة كثرة لا تحصى ولو كان العقل باستعمال النظر كافيا فيها لما كان الأمر كذلك بل كان العقلاء الناظرون فيها متفقين على عقيدة واحدة

قلنا ذلك الخلاف إنما وقع لكون بعض تلك الأنظار الصادرة عنهم فاسدة فترتب عليها عقائد باطلة وذلك لا ينفعكم ولا يضرنا فإن المفيد للعلم عندنا إنما هو النظر الصحيح لا الفاسد نعم دل الاختلاف المذكور على صعوبة التمييز هناك بين صحيح النظر وفاسده وهو مسلم

الثاني نرى الناس محتاجين إلى معلم في العلوم الضعيفة التي يكتفى فيها بأدنى نظر كالنحو والصرف والعروض لا يستغنون فيها عن العلم فكيف لا يحتاجون إليه في العلوم العويصة التي هي أبعد العلوم عن الحس والطبع مع أن المطلوب فيها اليقين

قلنا الاحتياج إلى المعلم بمعنى العسر أي عسر حصول المعرفة بدونه مسلم وما ذكرتم يدل عليه وأما بمعنى الامتناع فلا نسلمه ولا يفيده كلامكم

المقصد الرابع

في كيفية إفادة النظر الصحيح للعلم بالمنظور فيه والمذاهب التي يعتد بها ثلاثة مبنية على أصول مختلفة

Bogga 142