353

============================================================

الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أمل الملة القول في العصمة: اقال أهل العدل في العصمة بمثل ما قالوا في الهدى، وأنه تنصرف على (1/11) وجهين: فوجه ينتجي الله به وهو الدعاء والبيان والزجر والوعذ والوعيد، وهذا فعله بالكافر كما فعله بالمؤمن، وإن كان الكافر لا يطلق القول بأنه معصوم، ولكن يقال: إن الله عصمه فلم يعصم، كما يقال: هداه فلم يهتد.

والوجه الآخر، هو ما يريدة الله بالمؤمنين من الألطاف والأحكام والتأييد.

قالوا: وقد يتفاضل الناس في العصمة على قدر ما يصلح كلامهم، فقد يكون ضرب من العصمة يعلم الله أنه إذا آتاه بعض عباده آمن طوعا واختيارا، وإذا آتساه غيره ازداد كفرا، وإذا منعه أتى بكفر دون ذلك، فيتفضل به على من علم أنه ينتفع به، ويمنعه من يعلم أنه يزداد كفرا؛ لأن المنع أصلح له، وذلك أنه قد أزاح علته وقطع عذره بسائر ضروب العصمة.

قالوا: وقد يجوز أن يكون شيء أصلح لواحد وهو ضرر على الآخر، كما يكون الدواء وغيره نافعا لواحد ضارا لآخرة وقالوا: وقد يعصم الله من طريق الاضطرار كما عصم نبيه صلى الله عليه من قتل من أراد القتل به، وممن أراد أن يسمه ليقيم الحجة به عليه السلام، ل وليبلغ الرسالة، وليس الممنوغ من القتل به محمودا على الامتناع، ولا النبي صلى الله عليه مستحقا للحمد على ما عصم منه وإن كان ممدوحا بذلك؛ لأن الحمد لا يقع إلا على فعلي بالاختيار، وقد ذم من أحب أن يحمد بما لم يفعل،

Bogga 353