Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

Nawaawi d. 676 AH
7

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Daabacaha

إدارة الطباعة المنيرية

Goobta Daabacaadda

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

فَصْلٌ فِي مَوْلِدِ الشَّافِعِيِّ ﵁ وَوَفَاتِهِ وَذِكْرِ نُبَذٍ مِنْ أُمُورِهِ وَحَالَاتِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا أَبُو حَنِيفَةَ ﵀. وَقِيلَ إنَّهُ تُوُفِّيَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ يَثْبُتْ التَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وُلِدَ بِغَزَّةَ وَقِيلَ بِعَسْقَلَانَ وَهُمَا مِنْ الْأَرَاضِي الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا فَإِنَّهُمَا عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ حُمِلَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً قَالَ الرَّبِيعُ تُوُفِّيَ الشَّافِعِيُّ ﵀ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَأَنَا عِنْدَهُ وَدُفِنَ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ وَقَبْرُهُ ﵁ بِمِصْرَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَلَالَةِ وَلَهُ مِنْ الِاحْتِرَامِ مَا هُوَ لَائِقٌ بِمَنْصِبِ ذَلِكَ الْإِمَامِ. قَالَ الرَّبِيعُ رَأَيْت فِي الْمَنَامِ أَنَّ آدَمَ ﷺ مَاتَ فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ هَذَا مَوْتُ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَمَا كان الايسيرا فمات الشَّافِعِيُّ وَرَأَى غَيْرُهُ لَيْلَةَ مَاتَ الشَّافِعِيُّ قَائِلًا يَقُولُ اللَّيْلَةَ مَاتَ النَّبِيُّ ﷺ: نشأ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أُمِّهِ فِي قِلَّةٍ مِنْ الْعَيْشِ وَضِيقِ حَالٍ وَكَانَ فِي صِبَاهُ يُجَالِسُ الْعُلَمَاءَ وَيَكْتُبُ مَا يَسْتَفِيدُهُ فِي الْعِظَامِ وَنَحْوِهَا حَتَّى مَلَأَ مِنْهَا خَبَايَا: وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ كَانَ الشَّافِعِيُّ ﵀ في ابتدأ أَمْرِهِ يَطْلُبُ الشِّعْرَ وَأَيَّامَ الْعَرَبِ وَالْأَدَبَ ثُمَّ أَخَذَ فِي الْفِقْهِ بَعْدُ: قَالَ وَكَانَ سَبَبُ أَخْذِهِ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَسِيرُ عَلَى دَابَّةٍ لَهُ وَخَلْفَهُ كَاتِبٌ لِأَبِي فَتَمَثَّلَ الشافعي بِبَيْتِ شِعْرٍ فَقَرَعَهُ كَاتِبُ أَبِي بِسَوْطِهِ ثُمَّ قال له مثلك يذهب بمرؤته فِي مِثْلِ هَذَا أَيْنَ أَنْتَ مِنْ الْفِقْهِ فَهَزَّهُ ذَلِكَ فَقَصَدَ مُجَالَسَةَ الزِّنْجِيِّ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ وَكَانَ مُفْتِي مَكَّةَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا فَلَزِمَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ: وَعَنْ الشَّافِعِيِّ ﵀ قَالَ كُنْتُ أَنْظُرُ فِي الشِّعْرِ فَارْتَقَيْتُ عَقَبَةً بِمِنًى فَإِذَا صَوْتٌ مِنْ خَلْفِي عَلَيْكَ بِالْفِقْهِ: وَعَنْ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ خَرَجْت أَطْلُبُ النَّحْوَ وَالْأَدَبَ فَلَقِيَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزنجي فقال يافتى مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ أَيْنَ مَنْزِلُكَ قُلْتُ شِعْبٌ بِالْخَيْفِ قَالَ مِنْ أَيِّ قَبِيلَةٍ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ بَخٍ بَخٍ لَقَدْ شَرَّفَكَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَلَا جَعَلْتَ فَهْمَكَ فِي هَذَا الْفِقْهِ فَكَانَ أَحْسَنَ بِك: ثُمَّ رَحَلَ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ قَاصِدًا الْأَخْذَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ﵀: وَفِي رِحْلَتِهِ مُصَنِّفٌ مَشْهُورٌ مَسْمُوعٌ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأَ حِفْظًا فَأَعْجَبَتْهُ قِرَاءَتُهُ وَلَازَمَهُ وَقَالَ لَهُ مَالِكٌ اتَّقِ اللَّهَ وَاجْتَنِبْ الْمَعَاصِيَ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَكَ شَأْنٌ: وفي رواية أخرى أنه قال له انه اللَّهَ ﷿ قَدْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِكَ نُورًا فَلَا تُطْفِهِ بِالْمَعَاصِي: وَكَانَ لِلشَّافِعِيِّ ﵀ حِينَ أَتَى مَالِكًا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثم ولى باليمين: وَاشْتُهِرَ مِنْ حُسْنِ سِيرَتِهِ وَحَمْلِهِ النَّاسَ عَلَى السُّنَّةِ وَالطَّرَائِقِ الْجَمِيلَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مَعْرُوفَةٍ. ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَأَخَذَ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعُلُومِ وَرَحَلَ إلَى الْعِرَاقِ وَنَاظَرَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَغَيْرَهُ وَنَشَرَ عِلْمَ الْحَدِيثِ وَمَذْهَبَ أَهْلِهِ وَنَصَرَ السُّنَّةَ وَشَاعَ ذِكْرُهُ وَفَضْلُهُ وَطَلَبَ مِنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ إمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي عَصْرِهِ أَنْ يُصَنِّفَ كِتَابًا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَصَنَّفَ كِتَابَ الرِّسَالَةِ وَهُوَ أَوَّلُ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنُ سعيد

1 / 8