Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab
المجموع شرح المهذب
Daabacaha
إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي
Goobta Daabacaadda
القاهرة
بِالْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ وَأَبُو القاسم الدراكي وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ إلْكِيَا الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَمِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُحَدِّثِينَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ وَآخَرُونَ: وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا إذَا رَأَوْا مَسْأَلَةً فِيهَا حَدِيثٌ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ عَمِلُوا بِالْحَدِيثِ وَأَفْتَوْا بِهِ قَائِلِينَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مَا وَافَقَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ إلَّا نَادِرًا وَمِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلٌ عَلَى وَفْقِ الْحَدِيثِ:
* وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشافعي ليس معناه ان كل أحد رَأَى حَدِيثًا صَحِيحًا قَالَ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعَمِلَ بِظَاهِرِهِ: وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَنْ لَهُ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِفَتِهِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ ﵀ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ: وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مُطَالَعَةِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ كُلِّهَا وَنَحْوِهَا مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِهِ الْآخِذِينَ عَنْهُ وَمَا أَشْبَهَهَا وَهَذَا شَرْطٌ صَعْبٌ قَلَّ من ينصف بِهِ: وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ ﵀ تَرَكَ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ رَآهَا وَعَلِمَهَا لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ عِنْدَهُ عَلَى طَعْنٍ فِيهَا أَوْ نَسْخِهَا أَوْ تَخْصِيصِهَا أَوْ تَأْوِيلِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو ﵀ لَيْسَ الْعَمَلُ بِظَاهِرِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ بِالْهَيِّنِ فَلَيْسَ كُلُّ فَقِيهٍ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْعَمَلِ بِمَا يَرَاهُ حُجَّةً مِنْ الْحَدِيثِ وَفِيمَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ مِنْ الشَّافِعِيِّينَ مَنْ عَمِلَ بِحَدِيثٍ تَرَكَهُ الشَّافِعِيُّ ﵀ عَمْدًا مَعَ عِلْمِهِ بِصِحَّتِهِ لِمَانِعٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَخَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ كَأَبِي الْوَلِيدِ مُوسَى بْنِ أَبِي الْجَارُودِ مِمَّنْ صَحِبَ الشَّافِعِيَّ قَالَ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ فَأَقُولُ قَالَ الشافعي افطر الحاجم والمحجوم فردوا ذَلِكَ عَلَى أَبِي الْوَلِيدِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ تَرَكَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِصِحَّتِهِ لِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا عِنْدَهُ وَبَيَّنَ الشَّافِعِيُّ نَسْخَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ وَسَتَرَاهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا أَعْلَمُ سُنَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُودِعْهَا الشَّافِعِيُّ كُتُبَهُ وَجَلَالَةُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَإِمَامَتُهُ فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ بِالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو فَمَنْ وَجَدَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ حَدِيثًا يخالف مذهبه نظران كَمُلَتْ آلَاتُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ مُطْلَقًا: أَوْ فِي ذَلِكَ الْبَابِ أَوْ الْمَسْأَلَةِ كَانَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بالعمل به وان لم يكن وَشَقَّ عَلَيْهِ مُخَالَفَةُ الْحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ بَحَثَ فَلَمْ يَجِدْ لِمُخَالَفَتِهِ عَنْهُ جَوَابًا شَافِيًا فَلَهُ الْعَمَلُ بِهِ إنْ كَانَ عَمِلَ بِهِ إمَامٌ مُسْتَقِلٌّ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ وَيَكُونُ هَذَا عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ مَذْهَبِ
إمَامِهِ هُنَا وَهَذَا الَّذِي قاله حسن متعين والله أعلم
* فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُحَدِّثُونَ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ فِي جَوَازِ اختصار الحديث في الرِّوَايَةِ عَلَى مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا يَجُوزُ رِوَايَةُ بَعْضِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُرْتَبِطٍ بِمَا حَذَفَهُ بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الدَّلَالَةُ وَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الِاحْتِجَاجِ فِي التَّصَانِيفِ: وَقَدْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُهَذَّبِ وَهَكَذَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ كُلِّ الطَّوَائِفِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَهُوَ الْقُدْوَةُ
*
1 / 64