167

المدخل

المدخل

Daabacaha

دار التراث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

Maaliki
تَرْفِيعُ النَّبِيِّ ﷺ لَهَا تَرْفِيعٌ لِنَفْسِهِ الْمُكَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهُ ﵊ لَمْ يُعْرَفُ مِنْهُ تَرْفِيعٌ، وَلَا تَعْظِيمٌ قَطُّ لِنَفْسِهِ الْمُكَرَّمَةِ إلَّا مَا كَانَ صَادِرًا بِسَبَبِ تَرْفِيعِ جَنَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
أَلَا تَرَى إلَى وَصْفِ وَاصِفِهِ «وَكَانَ لَا يَنْتَصِرُ لِنَفْسِهِ فَإِذَا رَأَى حُرْمَةً مِنْ حُرَمِ اللَّهِ تُنْتَهَكُ كَانَ أَسْرَعَ النَّاسِ إلَيْهَا نُصْرَةً» وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا «وَرَدَ عَنْ نِسَائِهِ الطَّاهِرَاتِ فِي كَلَامِهِنَّ مَعَهُ ﵊ فِي تَفْضِيلِ عَائِشَةَ ﵂ بِزِيَادَةِ الْمَحَبَّةِ لَهَا وَسَأَلْنَهُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُنَّ فِي الْمَحَبَّةِ فَأَجَابَهُنَّ بِأَنْ قَالَ: لَمْ يُوحَ إلَيَّ فِي فِرَاشِ إحْدَاكُنَّ إلَّا فِي فِرَاشِهَا» وَلِكَوْنِ جِبْرِيلَ ﵇ سَلَّمَ عَلَيْهَا وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ الطَّاهِرَاتِ لِمَا اُخْتُصَّتْ بِهِ وَلِكَوْنِهَا أَيْضًا أُخِذَ عَنْهَا شَطْرُ الدِّينِ، فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْمَنَاقِبِ وَمَا شَاكَلَهَا كَانَ إيثَارُهُ ﵊ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا «مَحَبَّتُهُ فِي خَدِيجَةَ ﵂ حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ: ﵂ مَا غِرْتُ مِنْ أَحَدٍ مَا غِرْت مِنْ خَدِيجَةَ وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أُدْرِكْهَا قَدْ كَانَتْ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ تَأْتِيهِ فَيُكْرِمُهَا وَيَقُولُ: كَانَتْ تَأْتِينَا فِي أَيَّامِ خَدِيجَةَ» وَمَا ذَاكَ إلَّا لِمَا مَيَّزَهَا اللَّهُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ تَفْضِيلَهُ لِعَائِشَةَ كَانَ لِلْمَعَانِي الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَخَدِيجَةُ لَهَا مَعَانٍ أُخَرُ يَطُولُ تَتَبُّعُهَا، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ لِمَنْ طَالَعَ الْأَحَادِيثَ أَوْ سَمِعَهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَزِيَّةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهَا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ ﵇ فَأَيْنَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا اللَّهُ ﵎ مِمَّنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ بَيْنَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كُنَّ الْكُلُّ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ الْكَامِلَةُ وَالْخَيْرُ الشَّامِلُ؛ لِأَنَّهُنَّ مَا اُخْتِرْنَ لِسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ إلَّا لِاحْتِوَائِهِنَّ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَمَكْرُمَةٍ لَكِنَّ زِيَادَةَ الْخُصُوصِيَّةِ ظَاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ فَكَانَ ﵊ يَزِيدُ لِكُلِّ شَخْصٍ فِي الْمَحَبَّةِ بِحَسَبِ مَا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي صِفَةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ» أَيْ كَانَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا لِلَّهِ وَبِاَللَّهِ

1 / 172