لَيْسَ بِهِ حَاجَةٌ فَيُمْنَعُ. أَلَا تَرَى إلَى مَا وَرَدَ عَنْ «عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ حِينَ لَبِسَ ثَوْبًا فَوَجَدَ كُمَّهُ يَزِيدُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ فَطَلَبَ شَيْئًا يَقْطَعُهُ بِهِ فَلَمْ يَجِدْ فَأَخَذَ حَجَرًا وَأَلْقَى كُمَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا آخَرَ فَجَعَلَ يَرُضُّهُ بِهِ حَتَّى قَطَعَ مَا فَضَلَ عَنْ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ تَرَكَهُ كَذَلِكَ مُدَلًّى حَتَّى خَرَجَتْ الْخُيُوطُ مِنْهُ وَتَدَلَّتْ فَقِيلَ لَهُ فِي خِيَاطَتِهِ فَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَعَلَ بِثَوْبٍ كَذَلِكَ وَلَمْ يَخِطْهُ بَعْدُ حَتَّى تَقَطَّعَ الثَّوْبُ» .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ ﵁ قَطَعَ كُمَّ رَجُلٍ إلَى قَدْرِ أَصَابِعِ كَفَّيْهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ فَضْلَ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ خُذْ هَذَا وَاجْعَلْهُ فِي حَاجَتِكَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ ﵀ إنَّمَا فَعَلَ عُمَرُ ﵁ هَذَا؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي طُولِ الْكُمَّيْنِ عَلَى قَدْرِ الْأَصَابِعِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَرَآهُ مِنْ السَّرَفِ وَخَشَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَهُ مِنْهُ عُجْبٌ فَأَيْنَ الْحَالُ مِنْ الْحَالِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ: وَمِمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْبِدَعِ لُبْسُ الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ الْأَثْمَانِ قَالَ: وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ ﵃ ثَوْبُ أَحَدِهِمْ مِنْ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ إلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَكَانُوا لَا يُجَاوِزُونَ هَذَا إلَّا نَادِرًا أَوْ كَمَا قَالَ.
وَأَمَّا الْخُرُوجُ بِهِ عَنْ حَدِّ السَّمْتِ وَالْوَقَارِ فَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ حَالُهُمْ بِهِ كَيْفَ هُوَ لِخُرُوجِهِمْ بِهِ عَنْ زِيِّ سَائِرِ النَّاسِ وَتَكَلُّفِهِمْ فِي حَمْلِهِ أَنْ تَرَكُوهُ مُدَلًّى ثَقُلَ عَلَيْهِمْ فِي مَشْيِهِمْ فَتَقِلُ مُرُوءَةُ أَحَدِهِمْ بِسَبَبِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ الْكَثِيرِ بِسَبَبِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَعَاطِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِسَبَبِهِ وَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ بِهِ احْتَاجَ إلَى حَمْلِهِ وَفِي حَمْلِهِ كُلْفَةٌ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي ثَقُلَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ سِيَّمَا إذَا كَانَ بِبِطَانَةٍ وَتَرَكَهُ مُدَلًّى، وَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ بِهِ كَانَ حَامِلًا لِثُقْلٍ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ شُغْلٌ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ شُغْلًا فِي الصَّلَاةِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ «﵊ نَهَى عَنْ أَنْ يَكْفِتَ أَحَدٌ شَعْرَهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَضُمَّ ثَوْبَهُ»، وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّهُ شُغْلٌ فِي الصَّلَاةِ.
فَإِذَا ضَمَّ ثَوْبَهُ حِينَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَعَ فِي هَذَا النَّهْيِ الصَّرِيحِ وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ وَتَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ انْفَرَشَ عَلَى
1 / 132