وعلى هذا يمكن أن نقول إنّ القاعدة ما يُتَوَصَّل فيها إلى معرفة أحكام الأشخاص أو الأفراد، بوساطة قضية كلية أخرى، وتلك القضية الكلية الأخرى هي الحكم الفرعي الشرعي الذي يتناول جميع أفراد المكلفين.
٢ - إذا لم يتضح التجريد والعموم من موضوع القاعدة بأن صحّ انطباقه على الأفراد، كما صحّ انطباقه على الكليّات، فإننا نلجأ إلى محلّ الحكم، فإن كان عامّاً تدخل في ضمنه الكليات أو المفاهيم العامة، فإنّ القضية تُعدّ قاعدة أو ضابطاً فقهياً، وإن كان المحلّ لا يتنوّع، وإنّما كان شيئاً واحداً محدّداً، فالقضيّة الكليّة تُعَدّ حكماً لا قاعدة ولا ضابطاً.
وتوضيحاً لذلك نذكر قولهم:
كلُّ من علم تحريم شيء وجهل ما يترتّب عليه، لم يُفذْه ذلك(١).
فهذه قضيّة كلية موضوعها كل من علم، فجزئياتها، حين النظر إليها لأوّل وهلة، أفراد وأشخاص كزيد وعمرو وليلى، فإذا اكتفينا بذلك عددنا القضية الكليّة المذكورة، حكماً جزئياً أو فرعياً.
ولكن إذا تأمّلنا القضية جيّداً وجدنا المحل الواقع عليه التحريم عاماً وكلياً. فهذا الشيء المحرّم يشمل: تحريم الغش، وتحريم الكذب، وتحريم الربا، وتحريم القتل، وتحريم الزنا. وتحريم الكلام في الصلاة، وكونها من مبطلاتها، وتحريم الطيب في الحج، وغير ذلك، وهذه ليست أفراداً، وإنما هي كليّات ومفاهيم. فالقضية من هذه الجهة كليّة
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٢٢١.