Al-Latifa Al-Bakriya and Al-Natija Al-Fikriya in Important Grammatical Matters - Included in 'Athar Al-Ma'almi'
اللطيفة البكرية والنتيجة الفكرية في المهمات النحوية - ضمن «آثار المعلمي»
Baare
أسامة بن مسلم الحازمي
Daabacaha
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٤ هـ
Noocyada
الرسالة الأولى
اللطيفة البكرية والنتيجة الفكرية
في المهمات النحوية
20 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، اللهم صل على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
فهذه نبذةٌ يسيرةٌ في النحو، عظيمة الفائدة، جمعَتُ بها لنفسي شوارده، وقيَّدَتْ أوابده، فجاءت ــ لولا قصور جامعها ــ بديعةً في بابها، نافعةً لطلابها، نسأل الله أن يجعل جميع أعمالنا في طاعته. آمين.
20 / 7
مقدمة
[تعريف النحو] (^١)
النحو: علمٌ بأصولٍ مستنبطة من كلام العرب، يعرف بها أحكام الكلمات العربية حال تركيبها إعرابًا وبناءً (^٢).
[تعريف الإعراب]
والإعراب: هو تغيير أواخر الكلم لفظًا أو تقديرًا؛ لاختلاف العوامل (^٣).
والكلمة التي فيها ذلك معربة.
[تعريف البناء]
والبناء: هو لزوم أواخر الكلم حالةً واحدةً لفظًا، أو (^٤) تقديرًا، على اختلاف العوامل.
والكلمة التي فيها ذلك مبنية.
_________
(^١) العناوين التي بين المعكوفين من وضعي، وليست من وضع المؤلف ﵀.
(^٢) هذا التعريف الذي ذكره الشيخ هو تعريف المتأخرين للنحو، حيث جعلوه مقابلًا لعلم الصرف، والمتقدمون يجعلون العلمين علمًا واحدًا.
انظر شرح الأشموني بحاشية الصبان (١/ ١٥ - ١٦)، وحاشية الخضري (١/ ١٢).
(^٣) اختار الشيخ ﵀ في تعريف الإعراب أن يكون معنويًّا، وهو ظاهر مذهب سيبويه، وذهب ابن مالك ﵀ وغيره إلى أن الإعراب لفظي.
انظر: شرح الأشموني (١/ ٤٧ - ٤٨)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ٤٠ - ٤١).
(^٤) في أصل المخطوط بالواو، وصححت من مصادر المؤلف.
20 / 8
[فائدة النحو]
ولا تحسب النّحو يعصم اللسان فقط، بل وقد يتوقف عليه فهم المعاني، ولا يُؤمَن غلطُ جاهله فهمًا وإفهامًا، ألا ترى قولهم: "ما أحسن زيد" بنصبهما، وبنصب الأول وضم الثاني، وبضم الأول وجر الثاني، لا يكاد غيرُ النحوي يفرق بين معانيها، مع أنها شتى.
[الكلام وأقسامه: حرف، وفعل، واسم]
وكلُّ قولٍ مفيدٍ كلامٌ، وكل مفيدٍ مركبٌ لفظًا أو تقديرًا، وكل مركبٍ له أجزاء، وأجزاء الكلام هي الكلم، وكل كلمة دالّةٌ على معنى، إما في غيرها وهو الحرف، وعلامته: أن لا يقبل شيئًا من علامات الاسم والفعل الآتي ذكرها، وحكمه: البناء، وهو أصليٌّ فيه، لا يتغير.
[الفعل الماضي وعلامته وحكمه]
وإما في نفسها، فإن اقترنت بزمن وضعًا فالفِعْلُ، فإن كان الزَّمن ماضيًا، فهي الفعل الماضي، وعلامته: قبول "قد"، وتاء التأنيث الساكنة وحكمه: البناء دائمًا على الفتح لفظًا أو تقديرًا، والتقدير يكون للتعذّر في المعتلِّ، وللمناسبة مع واو الجماعة، ولكراهة توالي أربع حركات فيما هو كالكلمة الواحدة في المتصل بضمير رفع متحرك.
[الفعل المضارع وعلامته وحكمه]
وإن كان الزمن محتملًا للحال والاستقبال فالفعل المضارع، وعلامته قبول "قد"، والسين، و"سوف"، وأصل حكمه البناء (^١)، ويجيء على
_________
(^١) مذهب البصريين أن الإعراب أصلٌ في الأسماء، فرعٌ في الأفعال، وأن البناء عكسه، وهو الراجح عند جَمْعٍ.
انظر: الأشموني (١/ ٥٧ - ٥٨)، والهمع (١/ ٤٤)، والتصريح على التوضيح (١/ ٥٤)، وشرح ابن عقيل (١/ ٣٦).
20 / 9
الأصل إذا اتصلت به نون الإناث، فيُبنى على السكون، وإذا اتصلت به إحدى نونيْ التوكيد، فعلى الفتح.
ويُعْرَبُ ما عدا ذلك؛ لشبهه الاسم في أن كلًاّ تتوارد عليه معانٍ تركيبية، لولا الإعراب لالتبست، فينصب بالنواصب، ويجزم بالجوازم ويرفع ما تجرد عنها (^١)،
وينتقل الإعراب في الأمثلة الخمسة، فترفع بثبوت النون، وتنصب وتجزم بحذفها (^٢)، وتقدر الحركات في المعتل بالألف، والرفع فقط في أخويه، وتجزم الثلاثة بحذف حرف العلة، وما عدا ذلك يظهر إعرابه (^٣).
_________
(^١) أي: ما تجرد عن النواصب والجوازم، ومذهب الفراء وأكثر الكوفيين أن الفعل المضارع عامل الرفع فيه عاملٌ معنوي، وهو تجرده من الناصب والجازم، وهو اختيار ابن الحاجب، وصححه ابن هشام في شرح القطر.
انظر: شرح العوامل للأزهري (ص ٣٤٠).
(^٢) الأمثلة الخمسة هي التي يطلق عليها أيضًا الأفعال الخمسة، وحَدُّها: كل فعل مضارع اتصل به واو الجماعة، أو ألف الاثنين، أو ياء المخاطبة.
(^٣) وهو المضارع الذي لم يتصل بآخره شيءٌ، وليس مختومًا بحرف علة، نحو قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا ...﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا ...﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.
20 / 10
[فعل الأمر وعلامته وحكمه]
وإن كان الزمن مختصًّا بالاستقبال وضعًا فالأمرُ (^١)، وعلامته: أن تدل على الطلب، وتقبل ياء المخاطبة (^٢)، وحكمه: البناء على ما يجزم به مضارعه.
[الاسم وعلامته وأقسامه]
وإن لم يقترنْ بزمن فالاسم، وعلامته: قبول الجر وحروفه، والتنوين (^٣)، والإسناد إليه (^٤)، وأصله الإعراب والصرف، وقد يجيء على خلاف ذلك؛ لأنه إما متمكن أمكن في الاسمية، وهو المعرب المنصرف، وسيأتي، وإما متمكن لا أمكن، وهو ما أشبه الفعل (^٥) فمنع عن الصرف،
_________
(^١) قال في الهمع (١/ ١٦): والأمر مستقبلٌ أبدًا؛ لأنه مطلوبٌ به حصول ما لم يحصل، أو دوام ما حصل، نحو ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾، قال ابن هشام: "إلا أن يراد به الخبر، نحو "ارم ولا حرج". فإنه بمعنى: رميت والحالة هذه، وإلا كان أمرًا له بتجديد الرمي، وليس كذلك". ا. هـ.
(^٢) قوله: "أن تدل" بالتاء أي: الصيغة، ولا بد من حصول هاتين العلامتين، نحو قوله تعالى: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي ..﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ ..﴾.
(^٣) هو نون ساكنة تتبع آخر الاسم في اللفظ، وتفارقه في الخط، استغناءً عنها بتكرار الشكلة عند الضبط بالقلم، نحو: زيدٍ، ورجلٍ، وصهٍ، ومسلماتٍ، فهذه أسماء لوجود التنوين في آخرها، وأنواعه عشرة، ذكرها السيوطي في الهمع وغيره من أصحاب شروح الألفية.
(^٤) قال ابن هشام في التوضيح ــ يُعرِّف بالإسناد إليه ــ: هو أن تنسب إليه ــ أي الاسم ــ ما يحصل به الفائدة" اهـ.
(^٥) طالع ما ذكره الرضي في شرحه على الكافية (١/ ٣٦).
20 / 11
وسيأتي، وإما ليس له حظٌّ في التمكن بأن أشبه الحرف، فَبُنِيَ، ونبدأ به فنقول:
[المبنيات]
أوجه شبه الاسم للحرف ثمانية:
الأول: الشبه الوضعي، بأن كان وضع الاسم على حرفٍ، أو حرفين فإن أصل الوضع على ذلك للحرف، فإن جاء الاسم كذلك فقد أشبهه، فيبنى (^١)، ومنه الضمائر، وحمل ما زاد على الحرفين منها على غيره طردًا للباب، ويأتي هذا السبب في بعض الظروف، وأسماء الشرط والاستفهام، والإشارة، والموصولات.
الثاني: الشبه المعنوي، بأن يتضمن الاسم معنًى حقه أن يؤدى بالحرف، سواءً وضع له حرفٌ، كالشرط حرفه "إنْ"، والاستفهام حرفه الهمزة، أو لا كالإشارة كان حقها أن يوضع لها حرف، كنحوها من المعاني، ويأتي هذا السبب في الضمائر أيضًا؛ لأن التكلم والخطاب والغيبة من معاني الحروف، ومنه "أمسِ" لتضمن "أل" و"أحد عشر" لتضمن حرف العطف (^٢)، وحمل
_________
(^١) قال الخضري في حاشيته (١/ ٣٣): "أصل وضع الحرف كونه على حرفٍ أو حرفيْ هجاء، فما زاد فعلى خلاف الأصل، وأصل وضع الاسم ثلاثة فأكثر، فما نقص فقد شابه الحرف في وضعه، واستحق حكمه، وهو البناء".
(^٢) الأعداد من "أحد عشر" إلى "تسعة عشر" مبنية على فتح الجزأين ما عدا "اثنا عشر، اثنتا عشرة" فإنهما معربان، وسبب بناء العدد الأول منهما هو كونه محتاجًا إلى الثاني، وهذا الشبه الافتقاري، وبني الثاني منهما لتضمن حرف العطف.
انظر: شرح الكافية للرضي (٢/ ٨٧).
20 / 12
على الثاني منها اسم "لا" التبريئية (^١)، ومنه المنادى المرفوع؛ لوقوعه موقع كاف الخطاب.
الثالث: الشبه الاستعمالي، بأن يكون الاسم نائبًا عن الفعل غير متأثرٍ بالعوامل، وذلك أسماء الأفعال، مع أن اسم فعل الأمر متضمنٌ للام الأمر، ويحمل غيره عليه، طردًا للباب.
الرابع: الشبه الافتقاري، بأن يكون [الاسم] (^٢) لازم الافتقار إلى ما يتم معناه، كالموصولات إلى الصلات، وكلٌّ من الغايات المقطوعات (^٣)، و"إذا" و"إذ" إلى مضافٍ إليه، والمضمراتِ إلى ما يفسرها، والأول من المركب المزجي إلى الثاني.
الخامس: الشبه الإهمالي، ومنه الأسماء قبل التركيب، وأسماء حروف الهجاء المسرودة، وأسماء العدد (^٤).
_________
(^١) اختلف في موجب بناء اسم "لا"، فقيل: تضمنه معنى "من" الاستغراقية، وصححه ابن عصفور والرضي والخضري وغيرهم. وقيل: تركيبه معها تركيب "خمسة عشر"، وصححه ابن الضائع، ونُقِلَ عن سيبويه وجماعة. وقيل: لتضمنه معنى اللام الاستغراقية.
انظر: شرح الكافية للرضي (١/ ٢٥٦)، والمساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل (١/ ٣٤٠)، والهمع (٢/ ١٩٩)، وحاشية الخضري (١/ ٣٥).
(^٢) في أصل المخطوط: "بأن يكون الفعل .. " إلخ، وهو خطأٌ ظاهر، وتصحيحه من مصادر المؤلف المتقدمة.
(^٣) المقصود بالغايات المقطوعات: الظروف المقطوعة عن الإضافة.
(^٤) نقله السيوطي عن بعضهم (١/ ٥٢)، وذلك نحو: "ألف، باء تاء، ثاء، جيم ... " إلخ، وأما أسماء العدد، فنحو: "واحد، اثنين، ثلاثة ... " إلخ، وزاد الخضري (١/ ٣٥) أسماء الأصوات، إذ لا تعمل ولا يعمل فيها غيرها أصلًا، وقال: إنه ظاهرٌ فيه.
20 / 13
السادس: الشبه الصوري، مثل "حاشا" الاسمية للحرفية (^١)، و"كلا" بمعنى حقًّا لحرف الردع، ويلحق به "فعالِ" عند الحجازيين ومن وافقهم، لِوِزَان بعض أسماء الأفعال، كـ "نزال"، وقد يسمى الشبه الوزني، لكنه اعتضد بغيره من صفات اسم الفعل من العدل والتعريف والتأنيث، فالسبب مجموع ذلك.
السابع: الشبه الجمودي، وهو عدم تصرف الاسم.
الثامن: الشبه الاستغنائي، بأن يستغني الاسم عن الإعراب بكثرة صيغه، ويأتيان في الضمائر.
فكل ما فيه أحد هذه الأسباب، ولم يعارض بـ "أل"، أو الإضافة، ولم يطرأ عليه التثنية، أو الجمع، أو التصغير، أو نحوها فإنه مبني.
[أنواع البناء]
ثم أنواع البناء أربعة: سكون: وهو الأصل، فلا يعدل إلى الحركة إلا بسببٍ، كالتقاء الساكنين (^٢)، وكون الكلمة على حرفٍ واحدٍ (^٣)، وعرضتها للبدء بها كباء الجر، أو لها أصلٌ في الإعراب كالغايات (^٤)، أو مشابهة
_________
(^١) ترد "حاشا" اسميةً بمعنى التنزيه، وحرف جر خلافًا للفراء وجماعة، فلما أشبهت "حاشا" الاسمية في اللفظ والصورة "حاشا" الحرفية بنيت.
انظر: الهمع (٣/ ٢٨٢).
(^٢) مثال التقاء الساكنين "أين" فأصلها ساكنة النون "أَينْ"، فالتقى ساكنان: الياء والنون، فحركت النون بالفتحة؛ للتخلص منه.
(^٣) وذلك كبعض المضمرات، نحو تاء الفاعل من "ضربتُ".
(^٤) الغايات هي الظروف، وذلك نحو "قبل، وبعد، وأول" في حالة حذف ما تضاف إليه، ونية معناه.
20 / 14
للمعرب كالماضي للمضارع في الوقوع صلةً، وصفةً وحالًا، وللدلالة على استقلال الكلمة وأصالة المتحرك، كما في "هو وهي"؛ إذ لو سُكِّن الواو والياء لتوهم أنهما للإشباع.
[أسباب الفتح]
فأسباب الفتح طلب الخفة، كـ "أينَ"، ومجاورة الألف كـ "أيان"، والفرق بين أداتين كـ (لام) المستغاث به ولام القسم، للفرق بينهما وبين (لام) الملك، والاتباع كـ (كيف) إذِ الساكن حاجزٌ غير حصين.
[أسباب الكسر]
وأسباب الكسر: مجانسة العمل كـ"باءِ الجر، ولامه"، أما واو القسم وتاؤه، وكاف الجر، ففتحت للخفة، ولأن الواو لا يلزم الجر، والحمل على المقابل كلامِ الجحود على لام الملك، وللإشعار بالتأنيث كتاء المخاطبة، ولكونه الأصل في التخلص عن الساكنين، كـ "أمس"؛ لأن السكون مختصٌّ بالفعل، والكسر بالاسم، وإنما يتخلص عن الشيء بمقابله، ولعدم التباسها بحركة الإعراب إذ لا يكون هناك (^١) إلا مع التنوين والجر والإضافة.
[أسباب الضم]
أسباب الضم: الاتباع كـ "مُنْذُ"، والتعويض إذا حُرِمَتْه الكلمة معربةً كالغايات، وحمل عليها المنادى، و"حيثُ"؛ لأن كلًّا صار غاية في النطق،
_________
(^١) هكذا العبارة في الأصل، وجاء عند الخضري ودحلان قولهم: "إذ لا يكون الكسر إعرابًا إلا مع التنوين و... " إلخ.
20 / 15
ولمقابلة الواو في نظير الكلمة، كما ضمت "نحنُ" لمقابلة الواو في "همو".
ويكون البناء أصلًا في الحرف والفعل، لا يُسْئل عن سببه، ولكون السكون أصلًا في البناء لا يُسْئل عن سببه، [كذلك] (^١)، وإنما يسئل عن سبب البناء في الاسم والمضارع، أو عن سبب الحركة حيث كانت، وعن سبب كونها فتحةً أو كسرةً أو ضمةً، فنحو "لعلَّ" حركت لالتقاء الساكنين بالفتحة للخفة، والغايات بنيت لشبهها الحرف؛ لافتقارها إلى مضافٍ إليه، وقيل: حركت لأن لها أصلًا في الإعراب، وكانت الحركة ضمةً تعويضًا عما فاتها في الإعراب، والفعل الماضي حرك لإشباهه المعرب، وكانت الحركة فتحًا [لتعينه] (^٢) في حركته، إذ الكسر لا يأتي في الفعل، والضم أصلًا للإعراب، مع إيهام أنه لجماعة.
(باب الممنوع)
النوع الثاني من الاسم: هو ما كان متمكنًا في الاسمية غير أمكن، بأن أشبه الفعل، فمُنِعَ من الصرف، وتحقيق شَبَهِهِ أن في الفعل علتين فرعيتين، وهما: اشتقاقه من المصدر، وهي اللفظية، واحتياجه إلى الاسم، وهي المعنوية (^٣).
_________
(^١) زيادة لابد منها حتى يستقيم النص.
(^٢) في أصل المخطوط لم تكتب الكلمة بخطٍ واضح، وهي قريبة مما أثبتناه.
(^٣) ذكر هذا الأشموني في شرحه الألفية (٣/ ٢٢٩) وقال في معنى احتياج الفعل إلى الاسم: "إن الفعل يحتاج إلى فاعل، والفاعل لا يكون إلا اسمًا". اهـ. وانظر: الهمع (١/ ٧٨).
20 / 16
والمشتق فرع المشتق منه، والمحتاج فرع المحتاج إليه، فإذا حوى الاسم علتين كذلك، فقد أشبه الفعل، فمنع مما يمنع [منه] (^١) الفعل من الخفض والتنوين.
والعلل المعنوية أربع:
لزوم التأنيث فرعٌ عن عدم لزومه.
الثانية: الجمع فرع عن المفرد.
الثالثة: العَلَميَّة فرع عن التنكير.
الرابعة: الوصف فرعٌ عن الموصوف، وشرطه الأصالة (^٢).
والعلل اللفظية سبعٌ:
التأنيث، وهو ثلاثة أقسام: بالألف مقصورةً أو ممدودة، وبالتاء، ومعنوي، وشرط الأخير الزيادة على الثلاثة، أو تحرك وسطها، والتأنيث فرعٌ عن التذكير.
الثانية: عدم النظير في الآحاد فرعٌ عما له نظير (^٣).
_________
(^١) في الأصل المخطوط: "من" بدون الضمير.
(^٢) ذكر الصبان في حاشيته (٣/ ٢٣١) أن ابن مالك في العمدة وشرحها شرط أصالة الوصفية.
(^٣) المقصود بهذا صيغة منتهى الجموع، "مفاعل كمساجد، ومفاعيل كمصابيح"، فهذان الجمعان لا يوجد لهما نظير في المفرد، والآحاد يأتي على زنته، بينما كلمة "كلاب" جمع كلب، لها نظير في الآحاد، نحو "كتاب".
وانظر: شرح الكافية للرضي (١/ ٤٠)، والهمع (١/ ٧٩).
20 / 17
الثالثة: زيادة الألف والنون فرعٌ عن [غير] (^١) المزيد فيه.
الرابعة: وزن الفعل فرعٌ عن وزن الاسم، وشرطه: اختصاصه أو غلبته بالفعل (^٢).
الخامسة: العدل فرع عن المعدول عنه، وهو إما تحقيقي، كـ "ثُناء ومَثْنى" وأخواته، أو تقديري كـ "عُمَر".
السادسة: التركيب المزجي فرعٌ عن الإفراد (^٣).
السابعة: العجمية عن العربية، وشرطها أن ينتقل الاسم إلى العلمية من أول وهلة، وزيادتها على الثلاثة أحرف.
[اجتماع العلتين في منع الاسم من الصرف]
فالأولى من المعنوية، وهي لزوم التأنيث خاصة مع القسم الأول من الأولى من اللفظية، وهو التأنيث بالألف مقصورةً أو ممدودةً، نحو: "حبلى، وحمراء، وسلمى، وذكرى، وسكارى، وأولياء".
والثانية من المعنوية، وهي الجمع خاصة بالثانية من اللفظية، وهي عدم النظير، وذلك في صيغة "مفاعل، ومفاعيل" لا غير.
وأما الثالثة والرابعة من المعنوية، وهي العلمية والوصف، فيجيء كل منهما مع الثالثة من اللفظية وهي زيادة الألف والنون في نحو "عثمان، وسكران، مؤنَّثُه كسكرى".
_________
(^١) الكلمة غير واضحة في المخطوط، وما وضعناه هو الموافق.
(^٢) راجع الهمع للسيوطي (١/ ٩٧).
(^٣) الإفراد والمفرد في باب الإضافة وباب العلم ضد الجملة التي يشترط فيها التركيب.
20 / 18
ومع الرابعة من اللفظية، وهي وزن الفعل، نحو "أحمد، وأحمر" وشرط الوصف في هذين أن لا يكون مؤنثه بالتاء (^١).
ومع الخامسة، وهي العدل، نحو "عُمَر، وحذامِ، وثُلاث، ومَثْلَث"، وتأتي العلمية خاصة مع القسمين الأخيرين من الأولى، وهما التأنيث بالتاء، والمعنوي مثل "فاطمة، ومكة، وزينب، ودمشق".
ومع السادسة، وهي التركيب المزجي، مثل "معدي كرب، وبعلبك".
ومع السابعة، وهي العجمية، مثل "إبراهيم، وقالون" (^٢).
[خصائص الاسم]
ثم اعلم أن "ال"، والإضافة، والتثنية، والجمع، والتصغير خواص الاسم، فإذا طرأت عليه مكَّنَتْه من الاسمية، فيرجع إلى الأصل، وهو الإعراب والصرف، فنحو "الأمس وأمسنا" معربٌ، ونحو "الأحمد وأحمدنا" منصرفٌ.
_________
(^١) ما جاء على وزن فعلان وصفًا مؤنثه بالتاء "ندمان" ــ من المنادمة ــ وندمانة، و"سيفان" وسيفانة، بمعنى الطويل، وألفاظ أخرى نظمها ابن مالك وغيره. انظر ها في الأشموني (٣/ ٢٣٢). وأما ما جاء على وزن "أفعل" مؤنثه بالتاء فنحو: أرمل وأرملة.
(^٢) قد انتهى المؤلف ﵀ من إيراد علل منع الاسم من الصرف، وهي تسع على رأي الجمهور، وصاغها الشيخ صياغةً نادرةً لم تتفق لمثله، وتقسيم العلل إلى معنوية ولفظية أورده الرضي في شرح الكافية (١/ ٣٧)، والسيوطي في الهمع (١/ ٧٨) وما بعدها، وابن جني في الخصائص (١/ ١٠٩)، وجعل اللفظي سببًا واحدًا، والباقي كلَّه معنويًا، والأشموني (٣/ ٢٢٩).
20 / 19
(إعراب الأسماء المنصرفة)
النوع الثالث من أنواع الاسم: أن يجيء على الأصل متمكنًا أمكن، لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع (^١).
وأنواع الإعراب فيه ثلاثة: الرفع والنصب والخفض بالحركات، ظاهرةً أو مقدرةً، في ثلاثة أبواب: في الاسم المفرد، وجمع التكسير، والجمع بألف وتاء زائدتين، وكلها تُرْفَع بالضمة، وتُنْصَب بالفتحة، وتُخْفَض بالكسرة، إلا الممنوع يجر بالفتحة، والجمع بالألف والتاء ينصب بالكسرة.
[ما تُقدَّر عليه الحركة]
وتُقَدَّر الحركات في المقصور من ذلك للتعذر، والمضاف إلى ياء المتكلم للمناسبة، ويقدر غير النصب في المنقوص للثقل، ويلفظ بها في سوى ذلك.
وتنوب عنها (^٢) الحروف في ثلاثة أبواب:
[المثنى وجمع المذكر السالم والأسماء الخمسة]
المثنى وما ألحق به، والجمع المذكر السالم، والأسماء الخمسة، فتنوب عن الفتحة الألف في الثالث، والياء في الأول والثاني، وتنوب عن الضمة الألف في الأول، والواو في الثاني والثالث، وتنوب عن الكسرة الياء في الثلاثة.
_________
(^١) أي: من الصرف.
(^٢) أي: عن الحركات.
20 / 20
ولكلٍّ من أوجه الإعراب الثلاثة أبواب، فنبدأ بالمرفوعات؛ لأنها العمدة، وهي ستة وما يتبعها:
[الفاعل ونائبه]
الأول: الفاعل: وهو ما أسند إليه فعلٌ أو شبهه، وقُدِّم عليه على جهة قيامه به.
[مواضع وجوب تقديم الفاعل على المفعول]
ويجب تقديمه على المفعول حيث أَلْبَسَ (^١)، أو كان ضميرًا متصلًا، أو وقع مفعوله بعد "إلا" أو معناها، أو اتصل مفعوله وهو غير متصل (^٢).
الثاني: نائب الفاعل: وهو الاسم المرفوع الذي لم يذكر معه فاعله.
وشرطه تغيير الصيغة من المعلوم إلى المجهول، وإذا وُجِدَ المفعولُ تعين للنيابة وإلا فالظرف، أو المصدر المفيد غير التوكيد، أو الجار والمجرور.
_________
(^١) ويكون اللبس بين الفاعل والمفعول إذا انتفى الإعراب اللفظي، وانتفت القرينة الدالة على تمييز أحدهما، وذلك نحو "ضرب موسى عيسى، وضرب الذي قام الذي جلس".
(^٢) هذا الموضع ليس من مواضع وجوب تقديم الفاعل، بل هو من مواضع وجوب تقديم المفعول به على الفاعل، ولعلَّ ذكره من المؤلف سَبْقُ قلم، قال ابن الحاجب في ذكر المواضع التي يجب فيها تقديم المفعول: "وإذا اتصل به ضمير مفعول أو وقع بعد "إلا" أو معناها، أو اتصل مفعوله وهو غير متصلٍ وجب تأخيره". اهـ.
20 / 21
[المبتدأ]
الثالث: المبتدأ، هو الاسم المجرد عن العوامل اللفظية مسندًا إليه، وكذا الصفة الواقعة بعد النفي، والاستفهام، ولك في "أقائمٌ الزيدان" الأمران.
[الخبر ومواضع وجوب تقديم المبتدأ]
الرابع: خَبرُه: وهو الاسم المجرد المسند المغاير للصفة المذكورة.
وأصل المبتدأ التقديم، ويجب حيث اشتمل على ذي صدرٍ، أو كانا معرفتين، أو متساويتين، أو كان الخبر فعلًا له.
[مواضع وجوب تقديم الخبر]
ويمتنع حيث تضمن الخبر المفرد ذا صَدْرٍ، أو كان مصحِّحًا للابتداء بالنكرة، أو كان في متعلقه ضمير للمبتدأ (^١)، أو كان المبتدأ "أنَّ" وصلتها.
[تعدد الخبر ومجيء المبتدأ نكرةً والخبر جملة]
وقد يتعدد الخبر، وقد يكون المبتدأ نكرةً إذا تخصص بوجهٍ ما، وقد يكون الخبر جملةً، فلا بد لها من ضميرٍ عائدٍ إلى المبتدأ مذكورًا أم مقدرًا، ما لم تكن نفس المبتدأ في المعنى، كخبر ضمير الشأن، ويغني عنه الإشارة (^٢)، وتكرار المبتدأ بلفظه أو معناه، والعموم الذي يشمل المبتدأ،
_________
(^١) متعلقه: بكسر اللام، المقصود به جزء الخبر، كقوله تعالى: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ فأقفالها: مبتدأٌ مؤخر.
(^٢) أي: ويغني عن ذكر العائد ــ وهو ضمير المبتدإ ــ أشياء، منها الإشارة، كقوله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾.
20 / 22
وعطف جملةٍ فيها ضميرٌ لمبتدأ بفاء السببية، وشرط يشتمل على ضمير مدلولٍ على جوابه بالخبر.
[وجوب حذف المبتدأ]
ويجب حذف مبتدأ خبره نعتٌ مقطوعٌ لمدحٍ أو ذمٍّ، أو ترحمٍ، أو مصدر بدل من اللفظ بفعله، نحو: "سمعٌ وطاعة"، أو مخصوص "نِعْمَ"، أو صريح قسم، نحو "في ذمتي لأفعلنَّ" أي: يميني، ونحو "من أنت زيدٌ" أي: مذكورك زيدٌ، وقولهم: "ولا سواء" أي: هذان.
[وجوب حذف الخبر]
ويجب حذف خبرٍ وقع مبتدأ بعد "لولا" أو "لوما" للامتناع، إذا لم يكن خاصًّا، ومع قسم صريح، نحو "لعمرك"، و"واو" مع، نحو "كل رجلٍ وضيعتُه"، أي: مقترنان.
[اسم الأفعال الناقصة]
الخامس: اسم الأفعال الناقصة، وهي: كان وأخوتها، والملحق بها، وهو المسند إليه بعد دخولها، ولا تدخل على لازمٍ صدرًا وحذفًا، كالمخبر عنه بنعت مقطوعٍ أو ابتدائية، كما بعد "لولا" الامتناعية، و"إذا" الفجائية، أو عدم تصرف، أو خبره جملة طلبية، ولها شروط.
[مسائل تتعلق باسم كان وخبرها]
ولا يجوز حذف اسمها ولا خبرها، ويجوز توسط الخبر حيث يجوز تقديم الخبر على المبتدأ، ويجوز تقديمه إلا على "دام"، و"ليس"، والمنفي بـ "ما"، وقد يجب توسطه أو تقديمه، وقد يمنع لما مر في المبتدأ أو خبره.
20 / 23
[خبر إنَّ وأخواتها]
السادس: خبر إنَّ وأخواتها، والملحق بها، وهو المسند بعد دخولها، ولا يتقدم خبرها، وقد يتوسط ظرفًا أو عديله، وقد يجب توسطه لعارضٍ مما مرَّ.
والتوابع أربعة، ستأتي آخر هذه النبذة، إن شاء الله تعالى.
* * * *
20 / 24
(المنصوبات عشرة)
الأول: المفعول به: وهو الاسم المنصوب الواقع عليه فعلٌ، أو شبهه، ويحذف حيث لم يكن نائبًا أو متعجبًا منه، أو جوابًا أو محصورًا، أو محذوفًا عامله حتمًا، ويجوز حذف عامله قياسًا مع قرينةٍ، ومنه المنادى، والإغراء، والتحذير، وذو الاختصاص، وكلها منصوبٌ بفعل لازم الحذف، ومن المنادى المندوبُ والمستغاثُ به.
والثاني والثالث: خبر "كان"، واسم "إن" وأخواتها، فخبرُ "كان" هو المسند بعدها، واسم "إن" المسند إليه بعدها.
الرابع: المصدر: وهو الاسم المنصوب الذي يقع ثالثًا في تصريف الفعل.
وناصبه مثلُه أوصفةٌ أو فعلٌ، ويحذف عامله لقرينة، ويجب حيث كان بدلًا عن فعله، ومنه "لبيك" وأخواته، وقد ينوب عنه صفةٌ، كقولهم: "عائذًا بك"، و"هنيئًا".
الخامس: المفعول له: وهو الاسم المنصوب الذي يذكر بيانًا لسبب وقوع الفعل.
[شرط المفعول له]
وشرطه: المصدرية، ومشاركته لفعله وقتًا وفاعلًا، فحيث انتفى أحدهما جُرَّ باللام، ويجوز تقديمه.
المفعول فيه: هو اسم الزمان أو المكان المنصوب بتقدير "في".
20 / 25