Al-Khitaba - University of Madinah
الخطابة - جامعة المدينة
Daabacaha
جامعة المدينة العالمية
Noocyada
كان النبي ﷺ يَلقى الناس في مواسم الحج، وفي المجامع وفي المنتديات، ويدعوهم إلى الإسلام، ويأتي في ذلك بأبلغ الكلام. انظر إلى خطبته الموجزة يوم صدع بأمر ربه وأنذر عشيرته الأقربين، إذ قال ﷺ: «إنّ الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعًا ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعًا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة، والله لتُموتن كما تنامون، ولتُبعَثُنّ كما تستيقظون، ولتُجْزَونّ بالإحسان إحسانًا، وبالسوء سوءًا، وإنها لجنة أبدًا، أو لنار أبدًا، وإنكم لأول من أنذر بين يدي عذاب شديد».
كذلك الأحكام الشرعية؛ فلما دخل الناس في هذا الدين أفواجًا أفواجًا كان النبي ﷺ يُبين لهم أحكام دينهم، ويعرفهم ذلك الشرع الشريف، وذلك الهدي القويم، ويُبين تفصيل ما أجمل القرآن الكريم، كما قال الله تعالى له: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم﴾ (النحل: ٤٤) ويُوَضّح لهم ما أشكل عليهم فهمه، أو ما التبس من أمر هذا الدين.
وذلك البيان كان بأقوال محكمة، فيها وحي النبوة وقبس من نور الرحمن؛ كما قال رب العالمين في حق النبي الأمين: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ (النجم: ٣، ٤).
وانظر إلى خطبته ﷺ التي مطلعها «أيها الناس، إن لكم معالم؛ فانتهوا إلى معالمكم» وخطبته ﷺ التي مطلعها: «كأن الموت فيها على غيرها قد كتب» وخُطبته ﷺ في حجة الوداع، انظر إلى تلك الخطب، ترى فيها الترغيب مع الترهيب، والموعظة الحسنة والإيجاز الذي وفى وجمع فأوعى؛ فكانت بعثة النبي ﷺ والشرع الحكيم الذي جاء به من عند رب العالمين، من أكبر دواعي نهوض الخطابة في صدر الإسلام.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 147