99

Al-Kharaj

الخراج

Baare

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Daabacaha

المكتبة الأزهرية للتراث

Lambarka Daabacaadda

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Sanadka Daabacaadda

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

فَصْلٌ: فِي إِجَارَةِ الأَرْضِ الْبَيْضَاءِ ١ وَذَاتِ النَّخْلِ وَسَأَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْمُزَارَعَةِ فِي الأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَإِفْسَادِهِ، وَيَقُولُونَ الأَرْضُ الْبَيْضَاءُ مُخَالِفَةٌ لِلنَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَلا يَرَوْنَ بَأْسًا بِالْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ. وَأَمَّا أَصْحَابُنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ فَمَنْ أَجَازَ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ مِنْهُمْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ فِي الأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ، وَمَنْ كَرِهَ الْمُسَاقَاةَ مِنْهُمْ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ كَرِهَ الْمُزَارَعَةَ فِي الأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ. وَالْفَرِيقَانِ جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَرَوْنَهَا سَوَاءً: مَنْ أَفْسَدَ الْمُسَاقَاةَ أَفْسَدَ الأَرْضَ، وَمَنْ أَجَازَ الْمُسَاقَاةَ أَجَازَ الأَرْضَ. قَالَ أَبُو يُوسُف: أَحْسَنُ مَا سَمِعْنَاهُ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ مُسْتَقِيمٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَدْ يَدْفَعُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَالثلث؛ فَيجوز هَذَا مَجْهُولٌ لَا يُعْلَمُ مَا مَبْلَغُ رِيحه لَيْسَ فِيهِ اختلال بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ، وَكَذَلِكَ الأَرْضُ عِنْدِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارَبَةِ: الأَرْضُ الْبَيْضَاءُ مِنْهَا وَالنَّخْلُ وَالشَّجَرُ سَوَاءٌ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ مِمَّنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الأَرْضِ الْبَيْضَاءِ، وَفِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَأَقَلَّ وَأكْثر، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مِمَّنْ لَا يرى بذلك بَأْسا. أَدِلَّة من كره الْمُزَارعَة: وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي حُصَيْنٍ عَنِ ابْنِ رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى حَائِطٍ فَسَأَلَ: لِمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ لِي: اسْتَأْجَرْتُهُ. فَقَالَ: "لَا تَسْتَأْجِرْهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ"؛ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَمَنْ كَرِهَ الْمُسَاقَاةَ يَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُ: هَذَهِ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ مَجْهُولَةٌ، وَكَانُوا يحتجوا أَيْضًا فِي الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّه كره الْمُزَارعَة بِالثُّلثِ وَالرّبع.

١ يقْصد الأَرْض الزراعية الخالية من الْأَشْجَار والنخيل وَالَّتِي تقبل زراعة المحاصيل.

1 / 101